روسيا و«الناتو»..علاقـــات شـــائــكة

00:38 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

عندما يعلن حلف الأطلسي (الناتو) أن العلاقات مع روسيا أصبحت «معقدة ومضطربة»، وتتخذ مساراً جديداً «يجب على كلا الطرفين الالتفات إليه لتجنب مواجهة عسكرية مباشرة قد تندلع بصورة غير متوقعة»، فهذا يعني إقراراً من جانب الحلف بأن العلاقات بين الجانبين تتدهور بشكل متسارع، وهو ما أشار إليه أمين عام الحلف ينس ستولتنبرج بقوله «إن علاقتنا بروسيا في أدنى مستوياتها منذ انتهاء الحرب الباردة».

 الحقيقة أن العلاقات بين روسيا وحلف الأطلسي اتخذت مساراً تصاعدياً من المواجهة والتوتر منذ محاولة الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن ضم جورجيا وأوكرانيا إلى الحلف في عام 2008، ويومها اعتبرت روسيا هذه المحاولة مساساً بأمنها القومي لأنها تعني زحف «الناتو» باتجاه حدودها الغربية، لكن المحاولة فشلت بسبب رفض فرنسا وألمانيا آنذاك لهذه الخطوة التي تعني «استفزازاً» لروسيا، و«تهديداً مباشراً» للعلاقات الأوروبية الروسية.

 قبل ذلك كانت العلاقات بين الطرفين «على ما يرام»،وكان الطرفان وقعا عام 1997 على اتفاق تأسيسي نص بوضوح على «عدم اعتبار أي من الطرفين، الطرف الآخر بمثابة خصم له»، وقبل ذلك كانت روسيا انضمت في عام 1994 إلى «برنامج الشراكة من أجل السلام»، ثم تأسس «مجلس روسيا - حلف الأطلسي» عام 2002 من أجل معالجة القضايا الأمنية والمشاريع المشتركة، وتطوير التعاون العسكري ومكافحة الإرهاب بين الجانبين، وكان لموسكو سفيرها لدى الحلف في بروكسل، كذلك شارك الرئيس فلاديمير بوتين في قمة الحلف التي عقدت في بوخارست في الثاني من أغسطس /آب 2008 في إطار«مجلس روسيا- حلف الأطلسي». ونظم الطرفان مناورة عسكرية مشتركة في 6 يونيو /حزيران 2011، أطلق عليها اسم «فيجيلينت سكايز2011».

 بدأ الانحدار الحقيقي في العلاقات جراء تداعيات الأزمة الجورجية والتدخل الروسي في الحرب إلى جانب أوسيتيا الجنوبية، ثم تصاعد التوتر مع الأزمة الأوكرانية واستعادة روسيا لشبه جزيرة القرم، وبدأت الأمور تتداعى وتزداد سوءاً مع اتهام موسكو بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، والقيام بنشاطات تجسسية، وأضيفت إليها مسألة المعارض الروسي نافالني. ثم بدأ الجانبان خطابات التهديد والوعيد، وتبادل الاتهامات، وصولاً إلى العقوبات ضد المؤسسات والأفراد، وتبادل طرد الدبلوماسيين، والتحشيد العسكري على الحدود الروسية - الأوروبية الشرقية، ما أثار موجة حقيقية من المخاوف بإمكانية خروج الأوضاع عن السيطرة جراء أي خطأ في الحسابات أو سوء تقدير.

 هناك فجوة واسعة وأزمة ثقة بين الجانبين، خصوصاً بين روسيا والولايات المتحدة التي تحاول جر أوروبا إلى خطوط المواجهة الأمامية مع الكرملين، مع أن واشنطن تدرك أنها لا تستطيع جر كل أوروبا، لأن هناك دولاً تحرص على التواصل مع روسيا، وعدم بلوغ القطيعة الكاملة معها، من منطلق أن العداء المطلق لن يكون في صالح أمن وسلام القارة، كما أن أوروبا ليست مستعدة للمشاركة في حرب باردة لا مع روسيا ولا مع الصين، وأن هناك إمكانية للحوار والتعاون معهما.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"