الأمل بداية التعافي

00:24 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

من داخل المواجهة العالمية ضد فيروس كورونا انطلقت معركة موازية للتعافي الاقتصادي والاجتماعي، رصدت لها الحكومات والمجموعات الدولية خططاً واعدة لاستعادة أنساق ما قبل الجائحة. وعلى الرغم من الكوابيس التي تحدثها أخبار متحورات الفيروس، فإن حملات التطعيم الشاملة التي تستهدف كل سكان الأرض، تطغى على المخاوف وتزرع الأمل في كل مجتمع. 

بوادر تجاوز الوباء تبدو ظاهرة للعيان، من خلال مسارعة عدد من الدول تباعاً، إلى فتح منافذ السفر والسماح بالتجمعات المحدودة وإنهاء الالتزام بارتداء الكمامات في الأماكن العامة، ورفع حظر التجول الليلي، وعودة الجماهير إلى ملاعب كرم القدم، ومختلف الرياضات. وكل هذه الإجراءات مقدمات لاختبار نجاعة التطعيمات التي بدأت تتسع في جميع أنحاء العالم، لا سيما بعد تعهدات الدول السبع الكبرى، بالتبرع بمليار جرعة لقاح، مع توقعات بأن البشرية ستتمكن من هزيمة هذا الوباء مع بداية العام المقبل 2022. وما يرفع من سقف التفاؤل أن مختبرات اللقاحات لم تتوقف عن البحث في الفيروس من أجل تطوير اللقاحات المضادة وابتكار الأدوية الملائمة، حتى يصبح التعامل معه كأي مرض عارض يصيب البشر.

منظمة الصحة العالمية، وبعدما جُوبهت بانتقادات شديدة على صراحتها العام الماضي، حين رسمت صورة سوداوية مع تسارع تفشي الوباء، أصبحت اليوم تميل إلى التفاؤل مع تأكيدها تراجع الإصابات والوفيات على مستوى العالم، إلا أنها تطالب بتوزيع عادل للقاحات يشمل الدول الفقيرة، ومنها الأقطار الإفريقية التي يعاني معظمها بنية صحية متهالكة. ولذلك كانت أغلب النداءات تتركز على مساعدة إفريقيا، انطلاقاً من قاعدة أن السيطرة على الوباء والتغلب عليه تقتضي شمولية مواجهته وحرمانه من الاستيطان في بيئات قد يتكاثر فيها، ويظهر مجدداً في شكل متحورات أشد خطورة من الفيروس الأصل.

كل المعطيات تشير إلى أن العالم، الذي تعددت أمراضه بسبب هذا الوباء الخبيث، أخذ يتعافى تدريجياً وسط مؤشرات على تضامن دولي يحاول أن يضع خريطة طريق للخروج من الظروف الاستثنائية، عبر خطط التخفيف على جميع الشعوب والتعاون العابر للحدود بشأن إنتاج اللقاحات، ووضع رؤى متكاملة لمعالجة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للجائحة. 

ومع كل ما سبق، هناك بعض النواقص، منها عدم التوصل إلى قواعد صارمة تضمن عدالة توزيع التطعيمات، والتحرك العملي للنهوض باقتصادات الدول المتضررة بشدة من الوباء. كما أن نزعات تسييس الجائحة مازالت تُلقي بظلالها على العلاقات الدولية، كما هو الحال في المعركة الدائرة بين الصين والغرب حول منشأ كورونا، على الرغم من أن معطيات كثيرة تشير إلى أن هذا الفيروس لم يتسرب من مختبر؛ بل هو طبيعي وينتمي إلى سلالة خطرة من الفيروسات.

قريباً سيترك العالم عهد كورونا خلفه، وسيتطلع إلى المستقبل بنظرة ملؤها الأمل والتفاؤل، تضمن العيش الكريم الآمن للمجتمع البشري كله، فهذه الجائحة المرّة أماتت أكثر من ثلاثة ملايين نسمة، ودفنت أحلاماً وطموحات، لكنها أحيت قيماً إنسانية نبيلة يمكن البناء عليها لتكون روح المستقبل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"