عادي
كون يونج وو سفير جمهورية كوريا الجنوبية لدى الدولة لـ الخليج:

«براكة للطاقة النووية السلمية» نموذج عالمي ينفّذ بشفافية وأمان

23:47 مساء
قراءة 8 دقائق
سفير كوريا الجنوبية خلال زيارة مزرعة الارز في الامارات
سفير كوريا الجنوبية وسلام أبوشهاب خلال الحوار تصوير: محمد السماني

حوار: سلام أبوشهاب

أكد كون يونج وو، سفير جمهورية كوريا الجنوبية لدى الدولة متانة العلاقات بين الإمارات وكوريا اللتين تربطهما علاقة استراتيجية بدأت منذ 41 عاماً، وشهدت نقلة نوعية مع بدء إنشاء محطة براكة للطاقة السلمية التي تشكل أنموذجاً عالمياً، حيث ينفّذ بشفافية وأمان، مع الالتزام الصارم بمعاهدة عدم الانتشار النووي.

وقال في حوار مع «الخليج» إن حجم التبادل التجاري بين البلدين وصل إلى 9.4 مليار دولار عام 2020، وارتفع حجم التبادل التجاري غير النفطي بنسبة 6%. مشيراً إلى أنه يجري حالياً تنفيذ المرحلة الثانية مشروع زراعة الأرز في صحراء الإمارات، وتشمل دراسة الجدوى الاقتصادية بتقليل كمية المياه المستهلكة، بعد نجاح المرحلة الأولى عام 2018 التي تأكدت فيها إمكانية زراعة الأرز في الصحراء.

وكشف عن أن البلدين يناقشان مشروعاً تعاونياً لبناء بيوت بلاستيكية ذكية في دبي والعين، ومن المتوقع أن يمكّن ذلك من زراعة المحاصيل المختلفة في بيئة دولة الإمارات.

وأكد أنه من المنتظر أن تستكمل جميع مرافق معرض كوريا في «إكسبو 2020 دبي» بحلول نهاية أغسطس/آب المقبل. وهذا نص الحوار:

* هل تحدثنا عن العلاقات المميزة بين الإمارات وكوريا الجنوبية، وتطورها خلال السنوات الماضية؟

بداية أهنئ دولة الإمارات بالذكرى الخمسين لتأسيسها هذا العام، وبفوزها بمقعد غير دائم في مجلس الأمن، لمكانتها الريادية إقليمياً ودولياً، آملاً بأن تكون كوريا الرفيق الأكثر موثوقية لدولة الإمارات في رحلة الخمسين عاماً المقبلة لتصبح رائداً عالمياً.

ويصادف 18 يونيو/ حزيران من هذا العام الذكرى 41 للعلاقات الدبلوماسية بين الإمارات وجمهورية كوريا، حيث بدأت في أوائل سبعينات القرن الماضي، عندما شاركت الشركات الكورية في مشاريع البناء في دولة الإمارات، بما فيها بناء جسر مصفح عام 1975، وطوال السنوات الماضية نمت العلاقات بشكل مميز، فجاء عقد بناء محطة براكة للطاقة النووية السلمية عام 2009.

وهذا المشروع فرصة لدفع التعاون إلى مستوى استراتيجي إلى الحد الذي يمكن فيه تقسيم العلاقات الكورية الإماراتية إلى ما قبل براكة وما بعده، وبناء على ذلك، تطورت العلاقات بشكل كبير، مع توسع أفق التعاون. وفي عام 2018 ترقت علاقات البلدين لتبلغ مستوى «شراكة استراتيجية خاصة».

وحالياً، يعمل البلدان على تعميق التعاون، ليس في المجالات النووية والطاقة فقط، ولكن في الدفاع، والزراعة بالتكنولوجيا المتقدمة، والرعاية الصحية، والثقافة، وتكنولوجيا الفضاء، أيضاً.

9.4 مليار دولار

* ما حجم التبادل التجاري بين البلدين، وما نوعية البضائع المصدّرة والمستوردة، وهل تتوقع نموه خلال العام الجاري؟

سجل حجم التبادل التجاري بين البلدين 9.4 مليار دولار عام 2020، بانخفاض 3 مليارات دولار عن عام 2019، بسبب انخفاض أسعار النفط العالمية. بينما ارتفع حجم التبادل التجاري غير النفطي بنسبة 6%.

وتصدّر كوريا بشكل أساسي إلى الإمارات السيارات، وقطع الغيار، والمنتجات الكهربائية والإلكترونية، والسجائر، ومنتجات الصناعات الدفاعية. وتستورد من الإمارات المواد الأولية مثل النفط الخام، والمنتجات البترولية، والألمنيوم. وفي الوقت نفسه، تشهد واردات السيارات والهواتف المحمولة - وهي منتجات التصدير الرئيسية لكوريا - ارتفاعاً في دولة ثالثة تعمل قواعد الإنتاج، ومن المتوقع أن يستمر حجم التبادل التجاري بين الإمارات كوريا في الارتفاع فعلياً، بالنظر إلى نمو الاقتصاد الإماراتي والقدرة التنافسية للمنتجات الكورية.

نموذج عالمي

* كيف تنظر كوريا الجنوبية إلى إنجازات الإمارات في تشغيل محطة براكة للطاقة النووية السلمية؟

جاء بدء التشغيل التجاري للوحدة الأولى في المحطة في إبريل/ نيسان 2021، نتيجة للتناغم والانسجام بين رؤية قيادة حكومة الإمارات المتوجهة نحو المستقبل للتنمية الوطنية، وجهود فريق كوريا المتفانية، وثمرة ثمينة تم الحصول عليها بالتعاون بين البلدين، على الرغم من جائحة «كورونا»، وأصبح مشروع المحطة نموذجاً عالمياً، حيث ينفّذ بشفافية وأمان، مع الالتزام الصارم بمعاهدة عدم الانتشار النووي.

ومن المتوقع أن يستمر البلدان في الحفاظ على التعاون الاستراتيجي الوثيق، وتطويره للأجيال القادمة، عبر مشروع براكة الذي سيعمل أكثر من 60 عاماً، ومتابعته.

«إكسبو 2020»

* ما استعدادات كوريا الجنوبية للمشاركة في «إكسبو 2020 دبي»، وهل تحدثنا عن الجناح الكوري وما يحتويه، والرسالة التي سينقلها للعالم؟

صممت كوريا جناحاً وطنياً يضم أكثر من 1600 شاشة، لعرض التكنولوجيا الديناميكية والثقافة في «إكسبو 2020 دبي»، وفي بداية هذا العام، أكملت كوريا أعمال البناء في وقت أبكر من الدول المشاركة الأخرى، ومن المنتظر أن تستكمل جميع مرافق المعرض بحلول نهاية أغسطس/ آب، بحيث تسهم كوريا في الاستضافة الناجحة لإكسبو دبي.

وموضوع الجناح الكوري الواقع في منطقة التنقل هو «كوريا الذكية، تنقل العالم إليكم». كما يستعد الجناح الكوري لمنح زواره تجربة تكنولوجيا التنقل المتقدمة، وثقافة مذهلة تتجاوز الزمان والمكان، عبر السفر إلى كوريا الذكية، وكذلك، ستقام العروض كل يوم في المساحة المفتوحة للجناح الكوري، ما يوفر مشهداً مثيراً للجمهور.

استقبال المرضى

* اين وصلت الجهود المشتركة في استقبال مرضى من الإمارات للعلاج في المستشفيات الكورية؟

يصادف عام 2021 الذكرى العاشرة لبدء زيارة المرضى الإماراتيين إلى كوريا، وجاء ذلك بعد أن بدأت حكومة الإمارات إرسالهم إلى كوريا لتوفير خدمة العلاج عبر دائرة الصحة في أبوظبي، منذ عام 2011، وبدأ عدد المرضى الإماراتيين الذين يزورون كوريا يزداد تدريجياً نظراً لارتفاع مستوى الرضا عن الرعاية الطبية الكورية من قِبل أولئك الذين جربوا التكنولوجيا الطبية العالية، والخدمة المتميزة في كوريا، وعلى سبيل المثال، في عام 2019، قبل الجائحة، زار 4089 إماراتياً جمهورية كوريا لتلقي العلاج، ما يمثل نحو 50% من جميع مرضى الشرق الأوسط الذين زاروا كوريا، وبسبب الجائحة، فإننا نعمل على تسهيل حرية التنقل بفتح ممر السفر الآمن بين الإمارات وكوريا.

الجالية الكورية

* هل تحدثنا عن الجالية الكورية في الإمارات، وطبيعة أعمالها، وعددها؟

بدأت إقامة المواطنين الكوريين في دولة الإمارات، منذ سبعينات القرن الماضي، بالتزامن مع مشاركة شركات البناء الكورية في مشاريع البناء في أبوظبي، وازداد عدد الكوريين فيها بشكل كبير بعد فوز مشروع براكة في عام 2009، ويصل عددهم حالياً إلى نحو 10 آلاف كوري، ما يسهم في تطوير العلاقات، حيث ترتبط أغلبية الكوريين الذين يعيشون في أبوظبي بمشروع براكة وقطاع البناء. أما في دبي فمعظمهم يعملون لحسابهم الخاص، أو لمكتب التمثيل التجاري وشركات.

ويتلقى المحترفون الكوريون في الإمارات، مثل موظفي الخطوط الجوية والطلاب والعاملين في المجال الطبي والمحامين، تقييمات عالية من المجتمع المحلي، على أساس الجهد والعمل المخلص في مجالات تخصصهم.

التبادل الثقافي

* ما مجالات التعاون غير الاقتصادية بين الإمارات وكوريا، وعلى وجه الخصوص المجالات الثقافية والفنية؟

يعدّ التبادل الثقافي مجالاً مهماً للغاية ويشكل الأساس لتنمية العلاقات الثنائية، لذلك افتتحت الحكومة الكورية المركز الثقافي الكوري في أبوظبي، قلب منطقة الشرق الأوسط، عام 2006 ويقدم برامج متنوعة مثل تعليم اللغة الكورية، تنظيم الفعاليات والمعارض، المحاضرات الثقافية، وتجربة الأكل الكوري لكثير من الذين يعيشون في الإمارات.

وأعلنت الإمارات وكوريا «عام الحوار الثقافي الكوري الإماراتي» بمناسبة الذكرى الأربعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية العام الماضي، واتفقتا على تمديده حتى عام 2021 في ضوء الحالة الاستثنائية التي يعيشها العالم في مواجهة «كورونا»، ونتيجة لذلك، نظمت كثيراً من الفعاليات باستخدام منصة مناسبة للبيئة الجديدة، ومنها مهرجان كوريا، مهرجان أغاني الكيبوب، ومهرجان الفيلم الكوري، ما أدى إلى التمكن من الحفاظ على زخم التبادلات بين البلدين، ونحن ممتنون للغاية لأننا تمكنّا من تنظيم الفعاليات المختلفة ل«عام الحوار الثقافي الكوري الإماراتي» كأحداث تفاعلية بالتعاون مع المنظمات الرائدة، مثل مركز الفنون بجامعة نيويورك أبوظبي، ومنارة السعديات، وأبوظبي للإعلام، بفضل دعم كامل من وزارة الثقافة والشباب في الإمارات، وسنبذل قصارانا لتفعيل التبادل الثقافي بين البلدين عبر إكسبو 2020 دبي.

جذب المستثمرين

} إلى أي مدى تسهم كوريا الجنوبية في استقطاب المستثمرين الإماراتيين، وما طبيعة الاستثمارات التي يفضلونها؟

في الآونة الأخيرة، يتوسع نطاق التعاون الاستثماري بين البلدين إلى المجالات الطبية، والثقافية، والمالية، ليتجاوز المجالات التقليدية بما فيها الطاقة والبناء والخدمات اللوجستية، بما أن الوفد التجاري والاستثماري الكوري قد زار الإمارات مرات عدة، لمناقشة سبل التعاون الاستثماري.

وتفضل دولة الإمارات الاستثمارات التي يمكن أن تسهم في تنميتها الاقتصادية، ومن المرجح أن تكون مهتمة بالاستثمارات في شركات تكنولوجيا المعلومات الناشئة، وصناعة البتروكيماويات الدقيقة، ووقود الهيدروجين، وأنظمة الدفاع في كوريا، ويعمل البلدان على إنشاء قنوات تبادل لرجال الأعمال ومناقشة سبل تعزيز الاستثمار.

جهود الإمارات

* كيف تنظر إلى جهود الإمارات ودورها الإقليمي والعالمي في مواجهة الجائحة؟

أود أن أغتنم هذه الفرصة لأشيد برؤية القيادة الرشيدة، والنجاحات التي حققتها الإمارات في مواجهة الجائحة، فقد أدركت الإمارات أهمية اللقاحات وفحص «بي سي آر» واسعة النطاق منذ الأيام الأولى لوباء «كورونا». وشهدت زخماً لا يصدق لتنفيذها، لتصبح أفضل ممارسة عالمية في الاستجابة للوباء، انتهجتها الإمارات منذ البداية. وعلى وجه الخصوص، تحتل الإمارات المرتبة الأولى عالمياً، من حيث عدد جرعات التطعيم ضد الوباء لكل 100 شخص بتنفيذ حملة التطعيم بوتيرة سريعة، آمل أن تحقق الإمارات أسرع انتعاش اقتصادي في العالم، بناء على هذا الإنجاز الرائع.

وعلى القدر نفسه من الأهمية، قدمت دولة الإمارات مثالاً ممتازاً للتعاون الدولي على الرغم من الجائحة، انسجاماً مع روح التسامح الذي أرسى دعائمه مؤسس دولة الإمارات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه.

وبعد تفشي «كورونا»، أرسلت حكومة الإمارات المساعدات الإنسانية التي تقدر بأكثر من ألفي طن من الإمدادات الطبية إلى 135 دولة، وأطلقت «ائتلاف الأمل» للمساهمة في توزيع لقاحات إلى جميع أنحاء العالم.

مشاريع جديدة

* هل من مشاريع جديدة مشتركة بين البلدين سيعلن عنها خلال المرحلة المقبلة، وما طبيعتها؟

نظراً للأهمية المتزايدة للأمن الغذائي بعد الوباء، أودّ أن أحدثكم عن المشاريع الزراعية الجارية حالياً بين البلدين، فقد تعزز التعاون الزراعي بين البلدين بشكل نشط بعد اللقاء بين صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والرئيس الكوري مون جيه، خلال زيارة الرئيس الكوري إلى دولة الإمارات، عام 2018، حيث أكمل البلدان بنجاح المرحلة الأولى من مشروع زراعة الأرز في الصحراء العام الماضي، ثم بدآ بمتابعة هذا المشروع، وتمكنا من تأكيد إمكانية زراعة الأرز في الصحراء عبر المرحلة الأولى، وحالياً في المرحلة الثانية حيث تدرس الجدوى الاقتصادية بتقليل كمية المياه المستهلكة في زراعة الأرز.

كما يناقش البلدان المشروع التعاوني لبناء بيوت بلاستيكية ذكية في دبي والعين، ومن المتوقع أن يمكّن ذلك من زراعة المحاصيل المختلفة في بيئة الإمارات.

الجامعات الكورية

قال كون يونج وو، سفير جمهورية كوريا الجنوبية: «يبدي كثير من الطلبة الإماراتيين اهتماماً متزايداً بالدراسة في كوريا، وتأمل الجامعات الكبرى في كوريا جذب الطلبة الإماراتيين، وقبل الجائحة، غالباً ما كانت تُعقد جلسات إحاطة عن الدراسة في الخارج للطلبة الإماراتيين الذين أظهروا اهتماماً كبيراً بمجالات العلوم والهندسة، مثل الهندسة النووية، وهندسة الطيران، وهندسة الكمبيوتر، وفي الوقت الحالي، أصبحت الدروس عبر الإنترنت شائعة جراء الجائحة، ونتيجة لذلك، يقيم نحو 40 طالباً إماراتياً فقط في كوريا، آمل بأن يتحسن الوضع الحالي في أقرب وقت ممكن، حتى يتمكن المزيد من شباب الإمارات من الدراسة في كوريا».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"