خيال مليوني أم ألفي؟

00:10 صباحا
قراءة دقيقتين

ماذا تقول في سؤالين، إذا استعصى عليك الأوّل، فالآخر أسهل ألف مرّة؟ ألف مرّة بالضبط، وسترى القسمة الدقيقة. سؤالان يستحسن أن يطرحا في جوّ أسريّ، ليستثيرا الخيال لدى الصغار والكبار.
الأوّل: إذا كانت طلائع البشر قد ظهرت، على نحو تقريبيّ، قبل ثلاثة ملايين عام، فهل لك أن ترسل خيالك ليستشرف كيف سيكون الإنسان بعد ثلاثة ملايين عام؟ معك حق، محال أن يقوى الدماغ اليوم على توقع ما سيحدث بعد ثلاثين ألف قرن.
دع شكل تلك الحضارة ومضمونها، فنحن لا نستطيع أن نتخيّل حتى كيف سيكون تكوين الدماغ والإنسان نفسه جسماً ووعياً وتحكّماً في بيئته من الأرض إلى الكون.
لن يقدر حتى أعلم العلماء على إبداء رأي في الموضوع. دع المتاهات إلى ما هو أسهل ألف مرّة، سنقسم الثلاثة ملايين عام على ألف لنصل إلى ما قبل ثلاثين قرناً، وهو الزمن التقريبي لبداية مسيرة العلوم.
يقيناً، هذا تأريخ من وجهة نظر غربية، فهذه النزعة المتحيّزة تتجاهل ميراث العلوم في مصر، وادي الرافدين، الهند والصين، وكلها شادت صروحاً علمية قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام.
قبل ثلاثين قرناً، لم يكن الآدمي بعيداً جدّاً من مكتبة الألواح الطينية السومرية. اليوم صار يحمل خمسين طناً من الكتب في «يو.اس.بي» في جيبه. هو في صدد الانتقال من الرقمي إلى حاسوب الكوانتوم. وصل إلى المريخ. أصبحت تقانة «النانو» شيئاً عادياً. «النانو» واحد من المليار من المتر. أين سيكون بعد ثلاثة آلاف عام؟ هل أدركت الغاية؟
اليوم الذكاء الاصطناعي، بفضل التعلّم العميق، لا يقارن بطلائع البشر قبل ثلاثة ملايين عام. هل تستطيع أن تتخيّل كيف سيكون الإنسان الآلي بعد ثلاثين ألف قرن؟ لا عليك، بعد ثلاثين قرناً. قل ما تشاء في الذكاء الاصطناعي، لكنه في الواقع هزم بطل العالم في الشطرنج، كاسباروف 1996. ألّف أغنية، رسم لوحة، أمّا في الخوارزميات فالإنسان لن يقدر على اللحاق بإجراء مئات تريليونات العمليات الحسابية في الثانية.
ما يستحق أن يكون محور مناهج العلوم من الآن فصاعداً هو: أن يغدو خيال التلميذ والطالب سابقاً زمانه، متجاوزاً عصره.
لزوم ما يلزم: النتيجة التراثية: زرقاء اليمامة يجب أن تصير نظرية مستقبلية لتربية الدماغ على مدى المناهج.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"