عادي

حمى الأطفال.. آلية فسيولوجية تكافح العدوى البسيطة

22:25 مساء
قراءة 5 دقائق

تحقيق: راندا جرجس

تعد الحمى من الأعراض الشائعة التي ترافق عدداً كبيراً من الأمراض، وخاصة التي تنجم عن الالتهابات الفيروسية أو العدوى البكتيرية التي تستهدف الصغار أو الرضع من 6 أشهر إلى 5 سنوات، وتحدث هذه الحالة؛ نتيجة عدم قدرة الجسم على المحافظة على درجة الحرارة الثابتة بمعدل 36 مئوية، والتي يتم التحكم فيها من قبل مركز التنظيم الحراري الذي يقع في مركز الدماغ «المهاد»

تعد الحمى البسيطة أحد المؤشرات التي تدل على وجود مشكلة مرضية يواجهها الجسم عن طريق جهاز المناعة، ولها فائدة كبيرة في مكافحة العدوى، ويمكن السيطرة عليها بالإسعافات الأولية والراحة بالمنزل، وتعويض السوائل المفقودة، أما النوع الحاد والمزمن؛ فيعرض المصاب لمضاعفات خطرة، ويحتاج إلى التدخل الطبي، وفي السطور القادمة، يتحدث الخبراء والاختصاصيون في طب الأطفال عن هذا الموضوع تفصيلاً.

يقول الدكتور نيتين فيرما استشاري طب الأطفال: إن الحمى ليست المرض الأساسي؛ لكنها آلية فسيولوجية لها آثار مفيدة في مكافحة العدوى، ولا يوجد دليل على أنها تؤدي إلى تفاقم مسار المرض أو تسبب مضاعفات عصبية طويلة الأمد، أما في حالات ارتفاع درجة الحرارة لأكثر من 40 درجة مئوية، فإن الطفل قد يتعرض بشكل متزايد لخطر النتائج السلبية؛ مثل تلف الدماغ، وتعد الحمى الشديدة من أكثر المخاوف الجدية التي يحذر منها الأهل ومقدمو الرعاية الصحية، وخاصة عندما تُترك من دون علاج، أو ترتبط بالنوبات، وربما تؤدي إلى الوفاة.

أعراض وعلامات

يبين د. نيتين أن معظم الأطفال الذين يصابون بالحمى يكونون مضطربين وساكنين، كما أنهم يفتقدون شهيتهم للطعام والشراب، ويفضلون الراحة بدلاً من الانخراط في أنشطة مرحة، وهناك علامات وأعراض يعانيها الطفل، وتتطلب الاهتمام الفوري والمراجعة السريرية العاجلة، وهي كالآتي:

* صعوبة في الاستيقاظ وعدم القدرة على المشي بسلاسة أو العرج عند الحركة.

* ضيق في التنفس، وتغير في لون اللسان والشفاه للأزرق.

* تبدو البقعة اللينة الموجودة في رأس الصغار الرضع منتفخة أو مرتخية، وتكون رقبتهم متيبسة، ويعانون صداعاً شديداً.

* يعاني المصاب آلاماً شديدة في البطن، إلى جانب وجود طفح جلدي أو ظهور بقع أرجوانية تشبه كدمات على الجلد بعد الإصابة بارتفاع درجة الحرارة

* عدم التوقف عن البكاء أو يكون الرضيع سريع الانفعال.

وسائل التشخيص

يوضح د. نيتين أن الإصابة بالحمى؛ تعني ارتفاع درجة حرارة الجسم لأعلى من 100.4 درجة فهرنهايت؛ (38 درجة مئوية)، ويتم تشخيص الحالة عن طريق ميزان الحرارة الرقمي في المنزل؛ وهي الطريقة الأكثر دقة، والأفضل أن يتم القياس من تحت الإبط، والأذن والجبهة، أو من خلال المستقيم أو الفم؛ لكنها أقل دقة، ولا يُنصح باستخدام موازين الحرارة الزجاجية التي تحتوي على الزئبق (مادة سامة)؛ بسبب المخاطر المحتمل أن يتعرض لها الطفل في حال كسر ميزان الحرارة.

فئة مستهدفة

يشير د. نيتين إلى أن الصغار والرضع هم أكثر الفئات معاناة وانزعاجاً من الحمى؛ لأنها تؤثر في تناول السوائل، والشهية، والسلوك العام والقدرة على التفاعل بشكل طبيعي مع الأسرة والآخرين، وتزيد المخاطر لدى الأطفال الذين يعانون أمراضاً مزمنة كامنة، وربما تؤدي إلى مشكلات استقلابية، وتستهدف أيضاً الذين لا يتحملون متطلبات التمثيل الغذائي المتزايدة، ويحتاج هؤلاء إلى بداية العلاج المضاد للحمى على الفور، ويجب التنويه إلى أن بعض الدراسات أثبتت أن الأدوية الخافضة للحرارة ليست فاعلة في منع نوبات الحمى المتكررة للأطفال الذين يعانون التشنجات الحموية.

أسباب الإصابة

يذكر الدكتور محمد حذيفة أخصائي طب الأطفال أن الحمى هي ارتفاع درجة الحرارة الأساسية للمستقيم أو طبلة الأذن لأكثر من 38 درجة مئوية، وهي الشكوى الأكثر شيوعاً عند الأطفال، وفي الأغلب تكون مؤشراً لوجود مرض فيروسي مثل الإنفلونزا البسيطة، ويمكن أن تسبب بعض العدوى البكتيرية أعراضاً أكثر استمراراً مثل: مشكلات المسالك البولية أو التهاب الأذن أو الحلق، وفي بعض الأحيان يتسبب التسنين في تعرض الرضيع لحمى خفيفة جداً، أما الحالات الشديدة من 40 درجة مئوية فيما فوق، فتصاحبها بعض الأعراض المقلقة كالطفح الجلدي، وتغيرات في الحالة العقلية، والدوخة أو الدوار، وضيق في التنفس أو ألم في الصدر، وبكاء لا يطاق أو رفض الرضاعة.

تأثيرات متعددة

يلفت د.حذيفة إلى أن بعض الدراسات التي تمت عن تأثيرات الحمى حول دفاع الجسم على نطاق واسع، أظهرت نتائجها اكتشاف منتج وحيد الخلية، ويسمى إنترلوكين 1، وهو يقوم بتحريض الحمى وتنشيط الخلايا اللمفاوية التائية، التي تُضعف دورها الكبير في مكافحة العدوى، ما يُشكل دليلاً واضحاً على الدور المفيد لارتفاع درجة الحرارة، وتجدر الإشارة إلى عدم وجود دليل على أن الأطفال المصابين بالحمى معرضون بشكل متزايد للإصابة ب«عقابيل خطرة»، ولكن عندما يحدث تلف في الدماغ يرتبط بحمى عالية الدرجة 42 مئوية، وعادة ما يكون ذلك بسبب عواقب المرض الأساسي كالتهاب السحايا بدلاً من الحمى نفسها.

مضاعفات ومخاطر

يذكر الدكتور عمر دياب أخصائي طب الأطفال أن الحمى هي زيادة مؤقتة في درجة الحرارة، وفي أغلب الحالات تكون دلالة على وجود مشكلة مرضية في الجسم، وتستهدف على الأكثر الأطفال الذين تراوح أعمارهم من 6 أشهر إلى 5 سنوات، وينجم عنها تعرض المصاب لمضاعفات شديدة منها التشنجات التي تتضمن فقدان الوعي، أو ارتعاش الأطراف، وتجدر الإشارة إلى أن أغلب نوبات الحمى لا تتسبب في حدوث آثار مستديمة.

طرق التداوي

يوضح د.عمر أن الإصابة بالحمى البسيطة أو المنخفضة لا ينصح لها باستخدام علاج لتقليل درجة حرارة الجسم؛ لأنها تكون مفيدة في تقليص عدد الميكروبات التي تسبب المرض، أما الحالات المتوسطة التي تؤدي إلى عدم الراحة للمريض؛ فيمكن وصف الأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية، ولكن مع تجنب إعطاء جرعات عالية أو الاستعمال طويل الأمد، وتناول الكثير من السوائل؛ لتعويض الكميات التي فقدها الطفل، والوقاية من الجفاف، وارتداء ملابس خفيفة والمحافظة على درجة حرارة الغرفة باردة والنوم بغطاء خفيف.

ويضيف: إذا لم يستجب المريض للعلاج وانخفضت درجة الحرارة في خلال 3 أيام، فيجب مراجعة الطبيب المختص، وخاصة في الحالات التي يرافقها حدوث تشنجات، أو تغيرات في التصرفات، أو عدم وضوح بالكلام، تشوش بالأفكار، فقدان القدرة على التركيز، ووجع بالرأس.

مشكلات مرضية

يمكن أن يكون ارتفاع درجة حرارة الجسم ل38 مئوية، وسيلة طبيعية وصحية لمكافحة الإنتانات التي تسببها العوامل المرضية التي تهاجم الجسم والقضاء عليها، وخاصة أنها لا تستطيع التكاثر بنجاح في الوسط الحار، وفي نفس الوقت تعد الإنتانات بأنواعها ( التنفسية، البولية، الجهاز الهضمي) من أكثر المسببات شيوعاً في ارتفاع درجة الحرارة الشديد، وتكون نسبتها الفيروسية أعلى بشكل عام من الجرثومية، وتعود أسباب الإصابة بالحمى إلى وجود مشكلات مرضية أخرى كالالتهابية المناعية المسببة للحمى الرثوية، ومشكلات المناعة الذاتية، والأورام الخبيثة، أو الإعياء الحراري الناجم عن التعرض للطقس الحار، أو القيام بتمارين مجهدة، ويتم تحديد الخيار العلاجي المناسب في هذه الحالات بناءا على التشخيص والكشف عن سبب الإصابة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"