لستُ حلّال مشاكل

00:58 صباحا
قراءة دقيقتين

بعض أصحاب الأعمال ممن يديرون شركاتهم بأنفسهم يبدون مشغولين للغاية إلى درجة أنك تراهم معظم الوقت في عجالة من أمرهم وفي حالة مزاجية متقلبة، فتكاد لا تحدثهم عن مشكلة تتعلق بالعمل إلا وينفجرون كما البركان الثائر، وبعضهم الآخر لا همّ له سوى جني أرباح آخر الشهر، وإحالة جميع الشكاوى والمشكلات الواردة من العملاء أو الموظفين أنفسهم إلى مديرين يتسمون بعدم المبالاة، من دون أي متابعة.
في واحدة من الشركات التي تُعنى بمجال الاتصالات، كان صاحبها لا يثق بأحد ما جعله يعتمد على نفسه في إدارة الشركة، إلى جانب تعيينه بضع مديرين أدنى منه في الصلاحيات لتسيير باقي أمور العمل، كان هذا الرجل يعمل أكثر من 10 ساعات في اليوم الواحد، ستة أيام في الأسبوع، وبالتالي لا وقت لديه لحل مشكلات الموظفين التي كان دائماً ما يعمد إلى إهمالها ببساطة أو إحالتها لأحد المديرين، الذي يقوم بدوره بتجاهلها كليّاً كما يفعل مالك الشركة.
وبسبب هذه السياسة التي طغت على كل جنبات الشركة، بدأت الإنتاجية مع الوقت تتراجع، وتفاقمت المشكلات، وازداد عدد الموظفين الذين يغادرون العمل بعد حصولهم على فرصة أفضل في شركة منافسة تقدم نفس الخدمات، إلى أن انتهى الأمر بإعلان الشركة إفلاسها دون أن يدرك المالك والمديرون الذين يعملون لديه السبب خلف هذا الانهيار المفاجئ، الذي ظنوا جميعاً أنه بسبب التنافس الشرس في سوق العمل ومتغيراته.
كثيرة هي المؤسسات التي تلقى نفس المصير، الذي يبدأ من اللحظة التي يقول فيها صاحب العمل لكل شكوى أو مشكلة «أنا لست حلّال مشاكل»، معتقداً أن المشكلات ستحل نفسها بنفسها، أو من خلال تفويض حلها للمديرين من دون متابعة أدائهم والإشراف على سير العملية، حتى يتأكد بنفسه أن من أوكل له مهمة إصلاح الخلل جدير بالمسؤولية الملقاة على عاتقه!
إن تفويض المهام أمر غاية في الأهمية، لكن الأهم منه هو متابعة المهام الموكلة إلى الغير وعدم إهمال أي شكوى تصدر عن عميل أو موظف يعمل لدى الشركة.
في عالم العلاقات الاجتماعية، كلما أوليت الآخرين حبّاً واهتماماً أعطوك في المقابل مثيل ما تقدمه وربما أكثر. وكذلك الحال في عالم الأعمال، فكلما أوليت موظفيك احتراماً ورعاية كانوا مخلصين لك وأعطوك في المقابل أضعاف ما أعطيته لهم، لتجد نفسك في نهاية المطاف ربحت محبة الجميع وتقديرهم، إلى جانب نجاح عظيم تفتخر بأنك كنت جزءاً مهمّاً في صناعته، من خلال الاهتمام بكل موظف لديك مهما كانت رتبته الوظيفية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"