أهل الإبداع غرباء

00:41 صباحا
قراءة دقيقتين

سئل قبل سنوات: هل ستعرضون في الفعالية «الفلانية»؟ الجواب: لا، لم يسألنا أحد أو يحدثنا بذلك، وقبل أعوام حاولت وكلما طلبوا أدلة وملفات كنت أرسلها؛ لكن، لم يستجيبوا لي لاحقاً..! هذه باختصار قصص أهل الإبداع والمتميزين..!
الفن والثقافة، هي هوية أي بلد، وهي تأصيل لتاريخه.. عاداته وتقاليده، وترجمة لإبداع أهله، وهي حالة التناغم التي تنتقل من جيل إلى جيل، وتُوثق فيها رحلة ملؤها التنوع والإبهار. المثقفون في أي بلد هم أصل حضارته، والفنانون هم واجهته التي يباهي بها الأمم الكبرى، فكيف بهم إلى اليوم ينتظرون أن يسألهم أحدهم بأن يكونوا تلك الواجهة في حدث عالمي؟
أهل الإبداع غرباء في المؤسسات التي هي بالأصل أوجدت من أجلهم، وقد تعبوا من ملء قائمة البيانات التي تعود كل مرة بسؤال: من أنت؟، ما تصنيفك الإبداعي؟ ماذا أنتجت؟ وماذا يمكن أن تقدم؟ أو أن يكون التبرير لملء كل تلك البيانات، نحن نريد أن نعمل على أن تكون ضمن أهم الفعاليات الخاصة بنا، وأن نعمل على الترويج لك وتضمينك ضمن خططنا الاستراتيجية التي تجعلك على الخريطة العالمية، ضمن أهم الأحداث والفعاليات..! الكلام جميل جداً، وحتى لا أجحف للبعض جميل صنيعه، هناك من يسعى حقاً لذلك ولهم التحية، لكن كم حجم هذه الاستراتيجيات التي حققت فعلاً كل هذه الأهداف التي تتسم بالاستباقية والابتكار واحتضان الفنان؟
في المعارض التي يحتضنها وطنك، أنت آخر من يرون، وآخر من حتى يسمعون عنك، في الأحداث الكبرى جل ما قد يُكتب أو يُروى عنك لوحة في زاوية لا تعرف ترجمة لصاحبها، لقد مل مجتمع المبدعين من التطبيل وكلام الأوراق، وحزين أنه هو من يطلب وجوده وحضوره في حين أن المعادلة الصحيحة أن يكون المسؤول، وتكون المؤسسات مبنية على وجودة كحلقة أساسية؛ بل أن يكون العمود الفقري لها، حتى إذا ما أحس بالتهميش كانوا هم من يدافعون عنه، ويسعون لبلورة عطائه وإبداعه، هذه هي المعادلة التي نريدها حية..!
رفقاً بهم، فهم مرهفون، حساسون وذوو عزة نفس ترجموها في أعمالهم حتى صارت هي قصصهم التي أيقنوا أنها ستنصفهم حين يرحلون، لا ننتظر حفلات التأبين، ولا الرثاء في الصحف والجرائد حين يرحل مبدع حقيقي، لا نحتاج أن نتذكر أكوام أعماله التي يخزنها في بيته أو الاستوديو الخاص به حين يصبح في الغياب مكتوباً، رفقاً بهم وهم أحياء، ولا تقتلوا الإبداع، بالإهمال والمضي في مسارات أبعد ما تكون عن المبدع الذي ينتظر الكثير؛ لأنه سيعطي الكثير.
شكراً لقيادتنا الرشيدة التي ترى الإمارات حاضنة للإبداع وأهله؛ لذا بدأت باستقطابهم.

[email protected]@maryamalbaloosh

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلفة إماراتية وكاتبة عمود أسبوعي في جريدة الخليج، وهي أول إماراتية وعربية تمتهن هندسة البيئة في الطيران المدني منذ عام 2006، ومؤسس التخصص في الدولة، ورئيس مفاوضي ملف تغير المناخ لقطاع الطيران منذ عام 2011

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"