دموع العلماء وابيضاض المرجان

00:14 صباحا
قراءة دقيقتين

إن واحدة من أهم الوسائل لنشر العلوم والمعرفة هي الأفلام الوثائقية، فهي توضح مالا يكون واضحاً في كثير من الوسائل الأخرى، فهي تقدم المعلومات بالصوت والصورة وتفاصيل الموضوع العلمي، لكنّ الأفلام الوثائقية تعرض علينا على طبق من ذهب بعد صناعة مرهقة، فنحن ﻻ نعرف الملحمة التي تحدث لتوثيق كثير من المشاهد. وما جعلني ألتفت إلى هذه النقطة هو فيلم «ملاحقة المرجان»، الذي سلط الضوء على ظاهرة «ابيضاض المرجان» وهو ما يعني موته. وتكمن أهمية المرجان في أنه غذاء ومسكن للعديد من الكائنات البحرية، فضلاً عن كشف العلماء من خلال تعقب المرجان أنه يعمل عمل مقياس الحرارة في الأرض، وأن ابيضاضه يدل على ارتفاع حرارة الأرض. 
كان العالم زاك راجو، وهو عالم أحياء متخصص في الشعاب المرجانية، قد ذرف دموع الخيبة في بداية الفيلم وكان هذا الألم دافعاً له ولفريقه ليثبتوا نظريتهم فسافروا إلى أماكن متعددة للغوص في محيطاتها وتصوير المرجان. ليس ذلك فقط، بل كانوا يعانون الأمرّين في تثبيت الكاميرات في المحيط لرصد الابيضاض، وأحياناً وبعد شهور يكتشفون أن الكاميرات لم توثق شيئاً بسبب عطل؛ فيقومون بأنفسهم بتصليحها. هذا غير الغوص المنهك في مختلف التقلبات الجوية، والسكن غير المستقر أثناء الترحال، لكنهم في نهاية المطاف حققوا هدفهم، حيث عرضوا صوراً مؤلمة جداً للمرجان قبل الابيضاض وبعده، من أماكن مختلفة من العالم.
 في المؤتمر العالمي لاجتماع العلماء والرواد في شعاب المرجان، كان إثبات نظرية تناقص المرجان مفاجئاً، ما جعل عدة علماء يعبرون عن صدمتهم من هذا الخطر بالدموع. وأرى أن الدموع التي كانت دافعاً لفعل المستحيل لإثبات وجود خطر بيئي ستكون دافعاً أيضاً لمعالجته، لأن هذه طبيعة دموع العلماء، ففيها نوع من المسؤولية الاجتماعية. وأعتقد أن هذه الدموع هي التي ستعالج العالم وتطوره فدافعها دائماً ليس الذات والأنا، وإنما حماية كوكب الأرض ودعم الكائنات الأضعف لتبقى وتقوم بمهمتها في الدورة الطبيعية للبيئة.
 انطلاقاً من هذا الجهد العلمي للمحافظة على التوازن الطبيعي في الأرض، أتمنى أن يعلي كل واحد منّا، من معرفته وثقافته في هذا المجال وأن يسعى ليقوم بدور أو يقدم مبادرة، وألا يقلل من جهده أو عمله، وكما قالت الكاتبة الأمريكية أليس ووكر: «أكثر طرق الاستسلام سهولة وشيوعاً هي أن تؤمن بأنك لا تملك أية قوة».

[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"