عادي

استمرت 40 دقيقة.. تعرّف على أقصر حرب في تاريخ البشرية

15:38 مساء
قراءة 3 دقائق
الحرب

إعداد: أوميد عبدالكريم إبراهيم
يحفل التاريخ البشري في مختلف المجالات بالكثير من الوقائع العجيبة التي ما كانت لتُصدَّق لولا توثيقها، من بينها الحروب التي لا حصر لها على مرِّ العصور، والتي تحمل بين طيَّاتها في بعض الأحيان أحداثاً طريفةً رغم قساوة الحروب وآثارها المؤلمة، ففي حين استغرقت الحرب بين هولندا من جهة، وجزر "سيللي" الواقعة في جنوب غرب شواطئ المملكة المتحدة من جهة أخرى، 335 عاماً بدأت منتصف العام 1651، وانتهت أواخر القرن العشرين، وصُنِّفت كأطول حرب في تاريخ البشرية، فإن حرباً أخرى دارت رحاها بين بريطانيا وزنجبار نهاية  أغسطس/آب من العام 1896م، لم تدم أحداثها سوى 40 دقيقة، لتُصنَّف بذلك كأقصر حرب على الإطلاق.
كانت بريطانيا حتى ذلك الحين تبسط سيطرتها على الكثير من مستعمراتها السابقة، وفي زنجبار، كان السلطان حمد بن ثويني البوسعيدي حاكماً عليها، وكان موالياً لبريطانيا، وبعد وفاته، اعتزم البريطانيون تعيين حمود بن محمد سلطاناً مكانه، إلا أن ابن عم البوسعيدي ونسيبه، خالد بن برغش، استولى على الحكم بعد أيام، الأمر الذي اعتبرته بريطانيا تمرّداً عليها، لا سيما وأن تعيين سلطان جديد في زنجبار يجب أن يكون بموافقة القنصل البريطاني هناك، وذلك بموجب اتفاقية موقعة بين الطرفين في عام 1886.

معركة غير متكافئة

اعتبرت بريطانيا تجاهلَ خالد بن برغش لشروط الاتفاقية، بمثابة إعلان حرب، وبناءً على ذلك أرسلت إنذاراً أخيراً لبن برغش للتنحي عن الحكم، الأمر الذي رفضه الأخير، والذي بدأ بتجهيز قوة عسكرية لحماية قصره وعرشه، لكن عدَّة وعديد جيشه، لم يكن كافياً لمواجهة قوة مثل بريطانيا التي أرسلت، بعد انقضاء المهلة، قوةً بحرية مدججة بالزوارق الحربية والمدافع يقودها جنود بريطانيون يتقدَّمهم الأميرال هاري راوسون، وبجانبهم مقاتلون زنجباريون بقيادة الضابط في الجيش الزنجباري لويد ماثيوز، في حين كانت القوة التي شكلها بن برغش مكونة من متطوعين وخدم وعبيد.
كان فارق القوة والخبرة بين الطرفين، طافحاً، لذلك عندما بدأت شرارة المعركة في تمام الساعة 09:02 من صبيحة يوم 27 أغسطس/آب من العام 1896، تكبَّدت قوات خالد بن برغش خسائر فادحة، ولم تتمكن من الصمود لأكثر من 40 دقيقة أمام القصف الكثيف والمستمر للقوات البريطانية، وانتهت المعركة في تمام الساعة 09:40 بهزيمة بن برغش الذي فرَّ من البلاد، في حين قُتل المئات من المدافعين عن قصره ودُمِّرت أسلحتهم، فيما تقول روايات أخرى إن الجيش الذي أعدَّه بن برغش، أُبيد بالكامل، في حين اقتصرت أضرار الجانب البريطاني على إصابة أحد الجنود بجروح طفيفة.

عودة الهيمنة البريطانية

بعد انتهاء الحرب، نصَّبت بريطانيا حمود بن محمد سلطاناً لزنجبار، وبسطت هيمنتها الكاملة على البلاد، وقد كان السواد الأعظم من سكان البلاد يقفون في صف بريطانيا، وعقب هزيمته، لجأ خالد بن برغش إلى القنصلية الألمانية التي رفضت تسليمه للبريطانيين، وأرسلته إلى مستعمرة شرق أفريقيا الألمانية.
وقع خالد بن برغش في قبضة بريطانيا عام 1916 خلال الحملة على شرق أفريقيا في خضَّم الحرب العالمية الأولى، ونفته إلى جزر "سيشل"، ثم إلى جزيرة "القديسة هيلانا"، قبل أن تسمح له بالعودة إلى شرق أفريقيا حيث توفي هناك، أما الحرب التي دارت بين الطرفين، فصُنّفت كأقصر حرب شهدها التاريخ.
 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"