الأجيال وتغير المناخ

00:46 صباحا
قراءة دقيقتين

يجمع عشرات العلماء والخبراء على أن التغيرات المناخية هي المهدد الأكبر للبشرية، وستكون الكوارث الطبيعية من أعاصير وحرائق التي زادت وتيرتها مؤخراً، حلقة يسيرة مما قد تتحمله البشرية على المديين المتوسط والبعيد، هذا كله نتيجة ما جنت أيدي حكومات الدول الكبرى، التي ما زالت تتعامل مع هذا الخطر الداهم ببراغماتية، وترى أن مصالحها تتقدم على قابلية الحياة في الكوكب.
 ورغم توقيع الدول الرئيسية المتهمة في الاحتباس الحراري، على اتفاق باريس للمناخ في 2015، وهو أول اتفاق عالمي، تعهّد العالم عبره، بحصر الاحترار المناخي بأقل من درجتين مئويتين أو حتى 1,5 درجة مقارنة بحقبة ما قبل الثورة الصناعية، إلا أن تقريراً صاغته مجموعة من الخبراء مؤخراً رأى أن هذا الهدف في ظل تلكؤ الدول الكبرى بعيد المنال، حيث عرض وقائع صادمة تشير إلى أن الهدف الذي وقع لأجله اتفاق باريس لا يمكن إنجازه، بل إن التأثيرات المدمّرة للاحترار المناخي على الطبيعة والبشرية، ستكون كبيرة، بحسب ما أكدته «الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ» التي بثت تقريرها بأسلوب تراوح بين التشاؤم الشديد وآخر يحمل أملاً للناس بإمكانية تغيير مصيرهم، لكن ذلك مشروط بتطبيق إجراءات فورية وجذرية.
 الهيئة رأت في تقريرها المكون من 137 صفحة أن الأسوأ قادم، حيث سيمس سلباً حياة الأجيال المقبلة أكثر من تأثيره في الجيل الحالي. ومع ارتفاع حرارة الأرض 1,1 درجة مئوية منذ منتصف القرن ال19، فإن تداعيات ذلك خطرة. فالتقرير يقول: «حتى مع 1,5 درجة مئوية، ستتغير ظروف الحياة بما يتجاوز قدرة بعض الكائنات على التكيف.. ومن بين الأصناف المهددة أيضاً، حيوانات القطب الشمالي الذي ترتفع حرارته ثلاث مرات أسرع من المعدل الوسطي، ما قد يتسبب بالقضاء على نمط حياة الناس الذين يعيشون بارتباط وثيق بالجليد».
 التقرير لفت أيضاً إلى أن الخسائر ستكون مضاعفة في أنظمة الإنتاج الغذائي، من الزراعة والإنتاج الحيواني، إلى الصيد وتربية الأحياء المائية. وأيضاً مع حصر الاحترار بأقل من درجتين مئويتين، سيواجه نحو 80 مليون شخص إضافي الجوع في السنوات المقبلة، بينما قد يلامس 130 مليون شخص إضافي خط الفقر المدقع في غضون عشر سنوات. وفي العام 2050، سيكون مئات ملايين سكان المدن الساحلية معرّضين للخطر بسبب ارتفاع مستوى مياه البحر، ما سيؤدي أيضاً إلى موجات نزوح كبيرة.
 ومع حصر الاحترار ب1,5 درجة مئوية، سيواجه 350 مليون شخص إضافي من سكان المدن شحّاً في المياه، ليرتفع العدد إلى 400 مليون شخص في ظلّ درجتين مئويتين. ومع النصف درجة الإضافية هذه، سيكون 420 مليون شخص إضافي مهددين بموجات حرّ شديدة.
 ورغم التوصيات إلى تحول جذري للسلوكيات على المستويات كافة، الأفراد والجماعات والشركات والحكومات، إلا أنه يقع على أنظمة الحكم التي تملك النفوذ والقوة هذا التغيير، والعمل جاهدة على تقليص مساحة «جشعها» لحساب المصلحة العامة، وإلا فإن العالم مقبل على انهيار يدمر البشر على الصعد كافة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"