خطيئة تتجدد

00:47 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

كان مأمولاً أن تتراجع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن عن القرار الذي اتخذه الرئيس السابق دونالد ترامب يوم 25 مارس/آذار بالاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة.
 لأن هذا القرار خطيئة كبرى تتنافى مع كل القوانين الدولية والحقوق الإنسانية وشرعة الأمم المتحدة، ولأنه ينتهك كل قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة باحتلال مرتفعات الجولان، فقد ساد الظن أن الإدارة الديمقراطية سوف تكون أكثر عدلاً وإنصافاً والتزاماً بالقوانين الدولية، واحتراماً لحق الشعوب في سيادتها على أرضها، ورفضها لمبدأ الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة، أو التسليم بالأمر الواقع الذي يفرضه الاحتلال، وأن تبادر إلى إلغاء القرار، وإلغاء كل مفاعيله، واعتباره غير قانوني.
 لكن ما أعلنته وزارة الخارجية الأمريكية، يوم أمس الأول الجمعة، أحبط كل الآمال التي كانت تراهن على مقاربة أمريكية جديدة في ما يتعلق بأراضي الجولان المحتلة، بأن تتخلى عن منطق تقديم «الهدايا» المجانية للاحتلال على حساب الحقوق العربية، وكأن الأراضي العربية مشاع لكل من هب ودب، وكأنه لا أصحاب لها.
 أن يقول مسؤول في الخارجية الأمريكية رداً على موقف إدارة بايدن من مرتفعات الجولان المحتلة، إن «هذه الأرض ليست تابعة لأحد، والسيطرة عليها قد تتغير نظراً للديناميكيات المتغيرة في المنطقة»، فهو قول غريب عجيب أن يصدر عن دولة عظمى تصدع الدنيا بحقوق الإنسان، وحق الشعوب وسيادتها، وهي تدرك تماماً أن مرتفعات الجولان محتلة، وأنها جزء من الأراضي السورية، وأن الاحتلال لا يغير من حقيقتها كأرض عربية، ولا الأمر الواقع يفرض حقاً أو يجعلها غير تابعة لأحد.
 الولايات المتحدة بهذا الموقف تزوّر التاريخ والجغرافيا، تماماً كما فعلت إدارة ترامب، وتنتهك قرارات الشرعية الدولية التي تؤكد كلها أن الجولان جزء من الأراضي السورية، وخصوصاً قرار مجلس الأمن رقم (497) للعام 1981 الذي اعتبر قرار إسرائيل فرض قوانينها على المرتفعات «لاغياً وباطلاً»، وليس له أثر قانوني، وطالب إسرائيل بإلغائه فوراً، وأيضاً قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أكدت رفض إحداث تغييرات في طابع ومركز الجولان، ورفضها لمحاولات إسرائيل فرض جنسيتها على أهالي المرتفعات، إضافة إلى عشرات القرارات المماثلة التي صدرت عن لجنة ومجلس حقوق الإنسان، واللجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات.
 وخلال اجتماع مجلس الأمن الدولي في 28 مارس/ آذار 2019 لمناقشة القرار الأمريكي بالاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، وقفت واشنطن وحدها بمعزل عن الدول الأخرى؛ إذ أكدت مندوبة بريطانيا كارين بيرس أن القرار الأمريكي يعد «انتهاكاً للقرار497 للعام 1981»، في حين حذّر مندوبو فرنسا وبلجيكا وبريطانيا وروسيا من «عواقب الضم غير القانوني وكذلك من التداعيات الإقليمية»، في حين أكدت الأمم المتحدة على لسان وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية روز ماري دي كارلو أن موقف المنظمة الدولية «يستند إلى قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"