دبي: عبير أبو شمالة
أكدت شركة الاستشارات «ألبن كابيتال» أن قطاع التمويل الإسلامي في الإمارات حافظ على مرونة وقوة الأداء في العام الماضي رغم تبعات الجائحة، كما تمكن القطاع عالمياً من إثبات مرونته بتباطؤ محدود في العام الماضي بعد أن سجل نمواً بمعدل 14.4% في 2019. وقالت سامينا أحمد العضو المنتدب لدى الشركة في لقاء صحفي أمس لإطلاق تقرير جديد حول التمويل الإسلامي أن القيمة الإجمالية للأصول الإسلامية عالمياً وصلت مع نهاية الماضي إلى 2.9 تريليون دولار.
وقال التقرير إنه من المتوقع أن يضع التباطؤ الناجم عن كوفيد 19 إلى جانب الضعف المالي في السلطات القضائية، حيث تتم ممارسة الصيرفة الإسلامية، مرونة الصناعة تحت الاختبار في العام 2021 وما بعده. ومع ذلك، من المتوقع أن تؤدي النظرة المتفائلة لصندوق النقد الدولي بشأن الانتعاش الاقتصادي العالمي، مقرونة بالابتكار وتوحيد المعايير وأنشطة الدمج والاستحواذ وتطبيق تدابير حكيمة من قبل الحكومات، إلى تحفيز التعافي.
بحسب التقرير الذي نشرته الشركة بالتعاون مع «ألبن أسيت أدفايزرز» واصلت خدمات الصيرفة الإسلامية النمو في الإمارات في العام الماضي، رقم تبعات الجائحة، حيث ارتفعت الأصول الإسلامية المصرفية الإجمالية في الإمارات بمعدل 5.3% إلى 162.7 مليار دولار ( 597.11 مليار درهم) في نهاية العام الماضي، مقابل 154.5 مليار دولار (567.02 مليار درهم) في 2019، لتأتي بذلك في المرتبة الثانية خليجياً بعد السعودية.
وتضم الإمارات 3 من أصل أكبر 10 بنوك إسلامية خليجية من حيث قيمة الأصول في نهاية العام الماضي، حيث حل بنك دبي الإسلامي في المركز الثاني بأصول إجمالية بلغت 286.92 مليار درهم (78.18 مليار دولار)، وجاء أبوظبي الإسلامي في المركز الخامس بأصول بلغت قيمتها 126.65 مليار درهم (34.51 مليار دولار)، وحل مصرف الشارقة الإسلامي في المرتبة العاشرة بأصول إجمالية وصلت قيمتها إلى 53.1 مليار درهم (14.47 مليار دولار) في نهاية 2020.
وبحسب التقرير استحوذت دول مجلس التعاون الخليجي على 62.3% من الأصول الإجمالية لأكبر 100 بنك إسلامي على مستوى العالم في نهاية 2019. ووصلت حصة الإمارات إلى 17.7%، حيث تضم قائمة أكبر 100 بنك إسلامي على مستوى العالم 7 بنوك إماراتية. ولفت التقرير إلى أن معدل التمويل إلى الودائع على مستوى البنوك الإسلامية في الإمارات ارتفع إلى 95.2% مع نهاية العام الماضي في ظل نمو الائتمان بمعدل 6.8% خلال 2020، وارتفاع الودائع بحوالي 2.2%، لتصل حصتها إلى 21.8% من إجمالي أصول القطاع المصرفي.
وتمثل الأصول المصرفية في الإمارات حصة تصل إلى 24% من الناتج المحلي الإجمالي.
وبلغت حصة دول مجلس التعاون الخليجي والشرق الأوسط حوالي 58.1% (63.3 مليار دولار) من إصدارات الصكوك العالمية خلال الفترة من 2017 إلى 2019، ووصلت حصة الإمارات خلال الفترة إلى 33.1% لتحل بذلك في المركز الثاني بعد السعودية بإصدارات بلغت قيمتها خلال الفترة حوالي 77.07 مليار درهم (21 مليار دولار).
صدمة مزدوجة
وقالت سامينا أحمد: «واجهت صناعة التمويل الإسلامي وإدارة الثروات الصدمة المزدوجة الناتجة عن كورونا والتكيف معها وانخفاض أسعار النفط إلى متسويات تاريخية في العام 2020. وبينما تباطأت الصناعة خلال العام بعد أن شهدت نمواً قياسياً في 2019، فقد أظهرت مرونةً حيث تشير التقديرات إلى تطابق إجمالي أصول التمويل الإسلامي في عام 2020 مع الأرقام المسجلة في العام الذي سبقه. لقد أصبح تبني التكنولوجيا أحد أهم العوامل للصمود. ومن المرجح أن يؤدي اعتماد ودمج تقنيات جديدة وناشئة إلى تعزيز سوق التمويل الإسلامي وتوسيع نطاق عروض الخدمات. كما من المتوقع أن تحفز النظرة المتفائلة لصندوق النقد الدولي إزاء التعافي الاقتصادي العالمي الانتعاش ضمن القطاع».
وبدوره، قال حميد نور محمد المدير التنفيذي لدى «ألبن كابيتال»: «من المتوقع أن تحافظ الصكوك على مكانتها كمحرّك رئيسي للنمو في صناعة التمويل الإسلامي. لقد شهدت الصكوك حجم إصدارات حطم أرقاماً قياسية خلال العام الماضي، وهذا من المرجح أن يستمر. فيما تحظى مفاهيم مثل الاستثمار في الحوكمة البيئية الاجتماعية والاستثمار المستدام بأهمية متزايدة وتستحوذ على انتباه المستثمرين. وقد شهد القطاع كذلك نشاطاً قوياً في عمليات الدمج والاستحواذ في كل من القطاع المصرفي وقطاع التكافل، ومن المتوقع أن يستمر الدمج في ظل ضعف الأوضاع الاقتصادية».
وأدت جائحة «كوفيد 19» إلى تعطيل الأسواق المالية العالمية على نحو غير مسبوق، وبالقدر نفسه شكل تأثيرها اختباراً لمرونة هذه الأسواق. تقود عوامل مثل ارتفاع عدد المسلمين الذين يسعون للحصول على أدوات مالية متوافقة مع الشريعة الإسلامية، وتزايد تبني التكنولوجيا، وقدرة الصناعة على إظهار مستوى أعلى من المصداقية الأخلاقية، إلى دفع عجلة نمو القطاع.
تمثل الصيرفة الإسلامية غالبية الأصول الإجمالية لصناعة التمويل الإسلامي العالمي، وقد تطورت بوتيرة ثابتة من حيث حصة أصول الصيرفة الإسلامية كنسبة من إجمالي الأصول المصرفية واستمرت بالتوسع عاماً تلو الآخر. في عام 2020، سجلت أصول الصيرفة الإسلامية نمواً بنسبة أعلى مقارنة بأصول الصيرفة التقليدية في الإمارات والسعودية وسلطنة عمان والكويت وماليزيا. وتطور السوق العالمي للصكوك بشكل ملحوظ على مرّ السنين، حيث ساهم في 2019 بمعدل 19 % في صناعة التمويل الإسلامي العالمي. ورغم المخاوف الأولية حول تأثير الوباء على الأسواق الرأسمالية الإسلامية، فقد طابقت إصدارات الصكوك في 2020 المستويات الملاحظة في 2019. وضمن فئة الصناديق الإسلامية سريعة النمو، وفر الاستثمار في الأسهم المتوافقة مع الشريعة الإسلامية حماية أفضل ضد مخاطر التراجع خلال الوباء – وتمثل العاملان اللذان ساهما في تفوّق أداء المؤشرات المتوافقة مع الشريعة في التخصيص القطاعي (تركيز على التكنولوجيا وقطاع الرعاية الصحية) واستبعاد الشركات العالية الاستدانة.
محركات الطلب
تتوقع ألبن كابيتال وألبن أسيت أدفايزرز أن تواصل الصناعة المالية الإسلامية نموها على خلفية محركات قوية. حيث يتوقع صندوق النقد الدولي أن يتعافى الاقتصاد العالمي وتتسارع وتيرة نموه بمعدل 6.0 % في 2021، يليه نمو بنسبة 4.4 % في العام 2022. من المرجح أن تؤدي حزم الحوافز، وتخفيف القيود النقدية ودعم السيولة من قبل حكومات وبنوك مركزية لبلدان إسلامية رئيسية، إلى دفع الانتعاش والطلب في مرحلة ما بعد الوباء على أصول التمويل الإسلامي.
سوف تستمر الصكوك باعتبارها أداة سوق رأس المال الإسلامي الرئيسية بدفع عجلة النمو. ومن المرجح أن يؤدي ظهور مجالات جديدة مثل الصكوك الخضراء والاستثمار المسؤول اجتماعياً (SRI) إلى تعزيز النمو. وفي المرحلة المقبلة، قد تشهد أسواق رئيسية عبر مناطق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب شرق آسيا، إلى جانب أسواق غير رئيسية مثل كازاخستان وأوزبكستان، معدلات إصدار أعلى.
وبينما يبقى عدد السكان المسلمين حول العالم واحداً من أهم محركات نمو صناعة التمويل الإسلامي، يقود الاتجاه العالمي نحو الاستهلاكية الأخلاقية إلى زيادة جاذبية المنتجات الإسلامية.