عادي
عمل إبداعي صنعته فنانة كويتية

منيرة القديري: «كميرا» يوثق ذاكرة اللؤلؤ والنفط

23:41 مساء
قراءة 3 دقائق
1

الشارقة: زكية كردي
قبل عام ونصف العام تقريباً. بدأت رحلة العمل؛ لإنجاز «كميرا»، هذا النصب الذي يعد أول عمل فني يعرض في مكان عام للفنانة الكويتية منيرة القديري، وهو عبارة عن منحوتة ضخمة استوحتها الفنانة من اللؤلؤ وحفار البترول؛ بوصفهما يعدان رمزين، ويحملان دلالات اقتصادية واجتماعية وثقافية، كانت المحرك الأبرز في تاريخ المنطقة والتغيرات التي طرأت عليها تاريخياً، «بورتريه» يوثق هذه المرحلة الزمنية التي يعيشها الجيل الحالي، ويذكر زوار «إكسبو 2020» بتاريخ المنطقة، وبالتغيرات التي حدثت فيها بعد مرحلة النفط، والبحث عن موارد بديلة، تعيد تشكيل وجه المستقبل.

جاءت الفكرة بعد تلبية القديري لدعوة الفنان طارق أبو الفتوح، القيم الفني للفنون البصرية في برنامج الفنون البصرية في الأماكن العامة، لتزور المدينة، وتتعرف إلى المشروع ككل، وتقول: ما أثار حماسي للمشروع ليس معرض «إكسبو» الذي من المنتظر أن يزوره الملايين والذي يعد حدثاً مهماً ومنتظراً على مستوى العالم؛ بل المكان أيضاً، هذه المدينة التي بنيت لأجل المعرض، والناس الذين سيعيشون فيها فيما بعد، وهذا يعني أن هذا العمل سيكون جزءاً من حياة الناس وذاكرتهم البصرية، وتجدر الإشارة هنا إلى أننا في الوطن العربي كان من الصعب أن نفكر بأن ننفذ هذا النوع من الأعمال المعاصرة في الأماكن العامة، فلطالما لفتتني المنحوتات والأعمال الفنية في الأماكن العامة في بلدي الكويت، والتي تطبع جزءاً من الذاكرة الجمعية للسكان، كلها أعمال جميلة؛ لكنها غير متجددة، فعادة ما تجسّد رموزاً مكررة كالجمل والبوم والصقر وغيرها، وليس هناك أعمال معاصرة.

ولعل المتأمل في تجربة الفنانة سيدرك على الفور أن هذا العمل لا ينفصل أبداً عن مشروعها الفني ككل، فقد أسست هويتها الفنية مرتكزة على فكرة الهوية والعلاقة بالأجداد، والتي تذكر أنها أخذتها عن اليابانيين؛ حيث عاشت 10سنوات هناك بقصد الدراسة فتأثرت بالإرث الثقافي لهذه المنطقة، وتقول: عند عودتي إلى الكويت عام 2000 بدأت أبحث عن تاريخ جدي الذي لم أعرفه يوماً كونه توفي قبل ولادتي، كنت أفكر بعلاقتي به، بدأت أحاول جمع المعلومات عنه والتي كانت محصورة بالقصص التي يخبرها الآباء، فلم تكن هناك أي صور ولا مقاطع فيديو، كان جدي نهّام يغني في سفن اللؤلؤ، وهذا دفعني للاهتمام باللؤلؤ، خاصة أنني من جيل الثمانينات الذي ولد في مرحلة النفط، وكنت أحاول أن أوجد طريقة أعزز فيها العلاقة ما بين الأجيال عبر هذه الرموز، إلى أن وجدت ضالتي في اللون، فعند تأمل بقعة النفط نلاحظ أن له بريقاً لونياً يشبه بريق اللؤلؤ، واستخدمت شكل حفار النفط الجميل والذي يبدو أشبه بالحيوانات البحرية لألونه باللون اللؤلؤي والنفطي الذي توصلت إليه حتى أخلط هذه الفترات الزمنية، وأعتبر أني حققت حلمي أخيراً من خلال هذا العمل.

دعوة للإبداع

«التفكير بالمستقبل ما بعد النفط».. هو العنوان الكبير الذي أطلقه «إكسبو» كان أشبه بدعوة للإبداع، فبعد سنوات سوف يمر على اكتشاف النفط في المنطقة 100 عام، ويتحول إلى إرث جماعي بوصفه جزءاً من حياة وذاكرة أهل المنطقة، ولهذا يجب أن يعترفوا به ويحتفوا فيه كما يجب، مع الاستمرار بالبحث عن موارد بديلة للمستقبل تكون أكثر أمناً على مستقبل الأرض، ولهذا أرادت القديري أن تترك «بورتريه» لهذه المرحلة المؤقتة من خلال هذا العمل، وتصفه بأنه «بورتريه» شخصي لها كخليجية معاصرة عاشت في هذه الفترة، وتضيف بأنها تحلم بأن تترك تذكاراً في كل مدينة خليجية لهذا الإرث الثقافي والاجتماعي.

عن تقبل الشارع العربي اليوم للأعمال الفنية المعاصرة واستيعابه لها كونها تخرج عن إطار الحالة الجمالية المعتادة، ومدى حاجة هذه الأعمال للغة لسد الفجوة من بين التطور الفني عموماً وبين الجمهور، أوضحت القديري أن الأعمال التي يضمها برنامج الفنون البصرية في «إكسبو» كانت مدروسة؛ بحيث تحقق هذه المعادلة، معتمدة على أسس عمل واضحة تقوم على تحقيق عنصري الإبهار وإثارة الشغف، ومع هذا سترافق كل عمل بضعة سطور تمنح المتأمل مفاتيح لغوية لبناء علاقة حسية وفكرية مع العمل الفني على طريقته، فالفن لا يمكن أن يستغني عن اللغة لئلا يكون مرفوضاً في الشارع، خاصة أن الغاية من عرض الأعمال الفنية في الأماكن العامة هو بذاته سعي لسد هذه الفجوة، فالأعمال الفنية تعرض عادة في صالات العرض التي تستقطب جمهوراً خاصاً من المهتمين بالفن، ويقتص على فئة محدودة جداً، ولهذا لاشك أن الفنان الذي سيعمل على تقديم أعماله في الأماكن العامة سوف يهتم بأن تكون هذه الأعمال مفهومة قدر الإمكان وقادرة على الوصول إلى الجميع.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"