هل كان الشاعر يدري أن شرح بيته سيحتاج بعد قرون إلى مجلدات، حين قال: «تلك آثارنا تدل علينا.. فانظروا بعدنا إلى الآثارِ»؟
حتى قبل قرنين كانت الآثار تعني المعالم الباقية، من الأزمنة الخالية، اليوم أيضاً، لكن الأمور مختلفة في وسائل الاكتشاف والتحليل.
القصد تغذية عصفورين بحبّة. الموضوع الموازي أهم من الأصلي، الذي هو العلوم التي انضمت إلى علم الآثار، فصار قائمة مديدة من العلوم التي تعمل في «هارموني» تشبه الجسم في اختلاف أعضائه وأدائها جميعاً كوحدة بدنية.
جوهر الموضوع الموازي هو أن الأسرة حين تصير بيئة ثقافية علمية معرفية، تلعب دوراً في التنمية الذهنية لصغارها، يتجاوز ما تضطلع به المدرسة.
«اللازمة» التي يعود إليها القلم هي أن تفجير عيون الخيال في ذهن الطفل أهم عنصر في التربية. أنت حر إذا رأيت أنه الغائب في التنشئة التقليدية العربية. ميراثنا التربوي والثقافي يحصر الخيال في الشعر. الأنكى هو أن ما يتجاوز 80% من التراث الأدبي الموزون أفكار قابلة للنقاش لا خيال فيها.
للتربويين أن يحددوا ما تكون التوجيهية ومتى. لهم منطقهم وبراهينهم. القلم يرى أن على الأسرة قبل المدرسة، منذ سن الثالثة، أن تفتح آفاق العلوم والمعارف لدماغ الطفل، حتى تحدد ميوله ومواهبه الطريق الذي يجب أن يشقه، وكما لم يقل الشاعر: «إذا كان ربّ الدار بالعلم هادياً..فشيمة أهل البيت كلهم العلمُ».
يحتاج الموقف إلى إخراج: أمام التلفزيون شاهدت الأسرة معالم أثرية أو زيارة متحف. يتلقف الأب أو الأم الكرة: هذه الجرّة تعود إلى أربعة آلاف سنة، وجدت فيها منحوتة خشبية. المؤرخ يحلل العصور الماضية من خلال النصوص المكتوبة. أمّا علماء الآثار فيستعينون بعلوم الطبيعة، الجغرافيا الطبيعية، طبقات الأرض، علم تحديد أعمار الأشجار، الكربون14، التحليل الكيميائي الفيزيائي للمكتشفات، الأنثروبولوجيا وحدها لها فروع شتى، علم الأحياء ومشتقاته، الإضاءة الحرارية، مثلاً: فخّاريات تعرضت لحريق قبل آلاف السنين، يعاد تسخينها وقياس الضوء المنبعث من تحرر الإلكترونات التي ظلت حبيسة المادة. تاريخ المعادن والصناعات، الفنون، المجتمعات البدائية، الحضارات، المطمورات، الإحاثة. عشرات العلوم وعشرات الفروع، كلها في علم الآثار...
لزوم ما يلزم: النتيجة اللغزيّة: المهارة ليست أن القلم فتح أبواب هذا الموضوع، الشطارة هي أن تستطيع جنابك إغلاقها إذا انفتحت شهيّة الصغار.
[email protected]