عادي

سرّية الأجور

22:02 مساء
قراءة دقيقتين
رؤى وأفكار
رؤى وأفكار

عندما طلب منها المدير بحزم الحضور إلى مكتبه لأمر ما، لم يكن لدى الموظفة الجديدة في شركة تسويق مقرها سياتل أي فكرة أنه من غير القانوني منع العمال من الحديث عن رواتبهم.
في ذلك الوقت، كانت هناك زميلة أخرى جالسة، اعتقدت الموظفة الجديدة أنها قد تكون مرشحة مثلها للمنصب، سألتها القديمة كم حددوا لك راتباً؟ فكان الجواب على لسان الجديدة حاضراً.
عندها استخدمت الزميلة تلك المعلومة سلاحاً للتفاوض بشأن زيادة أجرها الحالي، فألقت الإدارة باللوم على الموظفة الجديدة، وتم استدعاؤها إلى المقر الرئيسي للشركة، لأنها أضرت بالعمل على حد قولهم. شعرت الموظفة آنذاك بأنها ارتكبت خطأً ما، لكنها أحسّت بالمقابل أنها فعلت الشيء الصحيح، على الرغم من أنه كان مخالفاً للقواعد المعمول بها داخلياً.
تمنع مجموعة من المُحرّمات القديمة وسياسات الشركات الموظفين من مناقشة مقدار الأموال التي يكسبونها، وهي ظاهرة تُعرف باسم «سرية الأجور». وعلى الرغم من التشريعات التي تحظر على الشركات معاقبة العمال الذين يفصحون عن رواتبهم، لا يزال العديد من الأشخاص يعملون في بيئات لا يتحدثون فيها عن المال أو لا يستطيعون أصلاً، وهو أمر له تأثيرات عميقة على المساواة في الأجور. فهل ما زال موضوع الراتب حساساً؟
في الولايات المتحدة، يحمي قانون علاقات العمل الوطنية منذ ثلاثينات القرن الماضي حقوق العمال في مناقشة رواتبهم، ومع ذلك، ووفقاً لتقرير معهد أبحاث السياسات النسائية في واشنطن، فإن أكثر من نصف العمال في البلاد يخضعون لسرية الأجور، لأن الكثير منهم يعتقدون أنه من الجرأة الزائدة بمكان مناقشة أمور المال مع الزملاء، وذلك نتيجة للمحظورات الاجتماعية، أو ثقافات الشركة، أو سياستها الرسمية التي، على الرغم من كونها محظورة، لا تزال قائمة.
وتعزز الكثير من الشركات الثقافات التي لا تشجع على مشاركة معلومات الرواتب، وفي 20 % منها تصدر أوامر نهي فعلية. وهو أمر غير قانوني بشكل صارخ، لكن دون مجيب.
فمن خلال تعزيزها لسرية الأجور، إما بشكل سري وإما علني، توفر الشركات الكثير من المال، لأنه في كثير من الأحيان يعني ذلك أن الموظفين الجدد لا يعرفون حجم الراتب المناسب لدورهم، وقد ينتهي الأمر ببعضهم بتلقي أجور أقل. كما يمكن أن يؤثر ذلك أيضاً في العمال الموجودين بالفعل في السلم الوظيفي، فإذا لم يدركوا أنهم يتلقون رواتب أقل مقارنة بزملائهم، فمن غير المرجح أن يطلبوا زيادات كبيرة في الأجور أو التأمين.
بالطبع، تؤثر هذه الممارسة في مجموعات من الناس أكثر من غيرها، وعلى النساء وبعض الأقليات بشكل خاص الذين يتقاضون رواتب أقل من نظرائهم. وتواجه هذه المجموعات مزيداً من التحديات في التفاوض من أجل الحصول على أجور عادلة، ما يغذي فجوة الأجور المستمرة منذ زمن. فنقص المعرفة يسهم في استمرار التفاوت.

(بي بي سي)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"