تونس والثورة الثانية

00:25 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

تعيش تونس إرهاصات ثورة ثانية لتصحيح مسار ثورة الياسمين عام 2011، رفضاً لحكم «حركة النهضة» الإخوانية، بعدما وصلت الحال بعد عشر سنوات إلى مرحلة لا تطاق من المرض والفقر والفساد، وبات الشعب التونسي يبحث عن خشبة خلاص تنقذه من وضع مريع على كل المستويات المعيشية والاجتماعية والصحية والسياسية.
 لقد سدت «حركة النهضة» كل أفق، وأغلقت كل أبواب الأمل، ولم تترك للشعب التونسي إلا تجرع الفاقة والعوز ووباء كورونا الذي يفتك بالبشر، بعدما انهار النظام الصحي جراء غياب خطط المواجهة الفعلية، والتكالب على السلطة والاستحواذ على مفاصل الدولة، من دون اكتراث بهموم الناس ومشاكلهم الحياتية المتفاقمة في ظل بطالة مستشرية وأزمة معيشية خانقة، إضافة إلى أزمة سياسية مستفحلة وصراع بين مؤسسات السلطة لا يبدو أنه في طريق الحل.
 إن جرائم «حركة النهضة» بحق الشعب والوطن منذ أن بسطت سلطتها بعد العام 2011 في أسوأ عملية خداع للشعب التونسي، واعتبرت أن تونس سقطت غنيمة في أيديها، باتت مكشوفة ومفضوحة، وذلك يتجلى في الحراك الشعبي والنقابي والبرلماني الذي بدأ يأخذ شكل مظاهرات ومواجهات داخل قبة البرلمان ودعوات للعصيان والنزول إلى الشارع في ذكرى عيد الجمهورية يوم الخامس والعشرين من يوليو/تموز الحالي، وهي ذكرى اغتيال المناضل محمد البراهمي، وذلك للتعبير عن الرفض الشعبي لمطالبة «النهضة» بتعويض عن «فترة الدكتاتورية» بأكثر من مليار دولار، في حين يتضور الشعب جوعاً وتعاني المستشفيات عدم القدرة على مواجهة الوباء المستفحل.
 لقد بلغ السيل الزبى، وها هي القوى السياسية في البرلمان تعد العدة للتخلص من هيمنة «النهضة» على البرلمان، وبدأت ثلاث كتل نيابية تعمل على عزل رئيس البرلمان و«حركة النهضة» راشد الغنوشي، من خلال تفعيل لائحة سحب الثقة منه، حيث وقّع على اللائحة 106 نواب من أصل 217، فيما تحتاج اللائحة إلى 109 أعضاء.
 الغنوشي متهم بممارسة الدكتاتورية والتلاعب بالبرلمان وتسييره وفقاً لأهواء ومصالح حزبه، ودخوله طرفاً في صراع على السلطة ضد الرئيس قيس سعيّد، ورفضه التحقيق مع النواب الذين اعتدوا تحت قبة البرلمان على رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسى.
 إنه مرض عضال أصاب تونس، بات ينتشر ويتفاقم، ولا بد من استئصاله عاجلاً من خلال ثورة شعبية تشكل امتداداً لثورة 2011، تعمل على تصحيح خطأ تاريخي مكّن «الإخوان» من وضع اليد على البلد، وعاثوا فساداً وتخريباً فيه.
 لم يعد بمقدور الشعب التونسي الصمت والصبر وهو يرى ما وصلت إليه حالهم وحال وطنهم..ولعل الأيام القادمة تحمل تباشير نهاية عهد إخواني كالح وضع تونس على حافة الانهيار.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"