عادي

حق الأطفال في زمن المستقبل

22:45 مساء
قراءة دقيقتين
رؤى وأفكار
رؤى وأفكار

مع تزايد اعتماد القطاع التعليمي على المنتجات والخدمات الرقمية المتقدمة، أصبحت الحاجة إلى التنظيم والإشراف على صناعة تكنولوجيا التعليم أكثر إلحاحاً.
في الوقت نفسه، تسارعت الاستجابة للوباء وتجسدت هذه التبعية في ربط التعليم بالإنترنت في جميع أنحاء العالم بين عشية وضحاها. وتم اعتماد منصات التعليم الافتراضي والخدمات الرقمية التي توفرها الشركات الخاصة، مع مراعاة الحد الأدنى للتأثير طويل الأجل على الأطفال والمجتمع.
وعلى الرغم من الدور الحاسم لخدمات تكنولوجيا التعليم، والاعتماد على القطاع الخاص في توفيرها، فإن هناك القليل من الإشراف أو التنظيم المخصص لحماية بيانات الأطفال، مما قد يؤدي إلى مخاطر كبيرة بعيدة المدى على المجتمع ككل.
يعتمد نموذج الأعمال الخاص بموفري تكنولوجيا التعليم، على وجود كميات هائلة من البيانات الدقيقة التي يتم إنشاؤها وجمعها كل يوم، مما يتيح مراقبة تلك البيانات والتحكم السلوكي، وفي النهاية، فقدان الخصوصية التام.
وتعمل أنظمة تكنولوجيا التعليم المتطورة على أتمتة الخدمات بدءاً من تصميم المناهج، مروراً بقرارات القبول، إلى جدولة الدورات التدريبية وحتى التقييم. ويمتد تأثير هذه العمليات لاحقاً، إلى سوق العمل والخدمات الصحية والاجتماعية. وفي حال تُركت هذه الأنظمة دون رادع أو رقيب، فقد تؤدي إلى تهميش منظم، وانتهاكات لحقوق الإنسان بالجملة.
لذلك يجب أن تُسخّر هذه الأنظمة الرقمية وبسرعة لحماية حقوق الأطفال ورفاههم، خصوصاً بعد إضفاء الطابع المؤسسي والشرعي عليها كأطر لاتخاذ القرارات اليومية عبر طيف النشاط البشري. فمن يحصل على الوظيفة؟ ومن هو المؤهل للحصول على قرض بنكي؟ وما هو نظام المعاشات التقاعدية التي يندرج تحتها الفرد؟ كل ذلك قد يتم تحديده في المستقبل من خلال خوارزمية تعود إلى بيانات طفولتك، والتي لا يمكنك التحكم فيها كثيراً في الوقت الراهن.
تلاحق بيانات التعليم التي يتم جمعها من خلال الأجهزة والتطبيقات الذكية، الطلاب لبقية حياتهم، وإذا أرادت دول العالم المحافظة على قدرتها التنظيمية في هذا الصدد، فعليها النظر في أنظمتها التشريعية كل على حدة، بطريقة تعطي الأولوية للخيار البشري؛ أي حق الأطفال في الانسحاب من خدمات جمع البيانات مع الحفاظ على حقهم في إجراء التقييم المناسب لشخصيتهم.
لا يمكن عزل المسؤولية عن حقوق الأطفال وتجزئتها عبر حزم تشريعية فردية، والحاجة تشتد إلى وجود نهج شامل يضمن حقوق الطفل في فضاءات تكنولوجيا التعليم على مستوى الاتحاد الأوروبي وبقية دول العالم، مع معالجة التحديات الرئيسية في كل حزمة تشريعية.
يجب علينا التأكد من أن بيانات الأطفال ليست سلعة قابلة للتداول، ونظراً لأنهم المستخدمون النهائيون لـ«تكنولوجيا التعليم»، فمن الضروري وضع أطر تنظيمية لحمايتهم وتمكينهم على خلفية التحول السريع في المشهد المعرفي والتقني.

«يوروآكتيف»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"