عادي
أتوقع تجاوز الاستثمارات ملياري درهم خلال السنوات المقبلة

بهارات باتيا.. من «فان» صغيرة إلى أكبر شركة صلب

01:11 صباحا
قراءة 7 دقائق

حوار: حمدي سعد
في ثمانينات القرن الماضي، جذب ازدهار دولة الإمارات الشاب بهارات باتيا، الذي قدم إلى دبي من الهند في سن ال 18 عاماً بحثاً عن الفرص، ليصبح رجل الأعمال بعد ذلك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة كوناريس، ثاني أكبر منتج للصلب من القطاع الخاص في الإمارات بمبيعات 300 مليون دولار حالياً (1.1 مليار درهم).

ويرى باتيا، أن دولة الإمارات تجعل المستثمر الأجنبي يشعر وكأنه في موطنه الأصلي، وقال ل«الخليج»: «نحن هنا لا نشعر بأننا غرباء أبداً، وهو ما يعزز من الشعور بالراحة والطمأنينة بالنسبة لنا. الأمر الآخر أن دولة الإمارات متطورة للغاية ما يجعلها تضاهي الأسواق العالمية لأكثر البلدان تقدماً، من حيث البنية التحتية المتقدمة والخدمات اللوجستية والشحن والموانئ وشبكة نقل جوي ووسائل النقل وغيرها، توفر الإمارات لنا نقطة انطلاق مثالية للتوسع منها إلى أسواق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا».

وأشار باتيا، إلى أن رحلة تأسيس «كوناريس» تعود لأكثر من 3 عقود من الزمان، وقال: «بدأت حياتي بائعاً في متجر صغير بدبي بعد أن أمضيت عدة أشهر أبحث خلالها عن عمل، حينها حصلت على فرصة عمل في شركة متخصصة بتجارة المنتجات الصناعية حيث تمثلت مهمتي في بيع منتجاتها على عربة فان».

أضاف بهارات باتيا: «وفي العام 1987 تركت الشركة بعد عملي فيها لمدة 4 أعوام بحثاً عن فرصة أفضل، فيما شكل عملي في تلك الشركة تجربة هامة بالنسبة لي، حيث كنت أعمل بها من الساعة 7:30 صباحاً حتى ال 11 ليلاً يومياً دون كلل، الأمر الذي ساعدني على تعلم فن التجارة». وتابع باتيا، «أسست متجراً صغيراً باستثمار محدود بقيمة 14.500 درهم، وهو المبلغ الذي جنيته من عملي خلال 4 سنوات بالشركة السابقة، من هذا المبلغ، خصصت 4000 درهم لاستئجار المستودع، ودفعت 5000 درهم كرسوم ترخيص، ومبلغ 2000 درهم أخرى للحصول على خدمة الهاتف، وقمت بشراء بعض قطع الأثاث المستعمل وأدوات المكتب بالمبلغ المتبقي. بعد إنفاقي على رسوم الترخيص والاستئجار، لم يتبق لدي سوى 200 درهم فقط، قمت بنفسي بطلاء المكتب وإدارته لتكون بداية رحلتي في عالم ريادة الأعمال في دبي».

جني الأرباح

ويقول باتيا: «كنت أعمل لأكثر من 12 ساعة في اليوم، وكنت أجني مالاً أكثر مما كنت أجنيه عندما كنت موظفاً، حيث تواصلت مع موردين في الشركة السابقة التي عملت بها، والذين قدموا لي منتجات لأبيعها وأتقاسم الإيرادات معهم. وكنت أدفع لهم فور قيامي ببيعها، مما عزز من ثقتهم بي ودفعهم لمنحي المزيد من الائتمان، وعلى هذا النحو بدأت بجني المزيد من الأرباح». وأضاف: «قمت حينها بتوظيف عامل لدي في المكتب للاعتناء بمتجري أثناء غيابي، ومن ثم بعدها اشتريت سيارة مستعملة بقيمة 3000 درهم بالتقسيط على 6 أشهر ساعدتني السيارة في عملي اليومي بجمع البضائع وتوصيلها وتحصيل الدفعات».

تجارة السكراب

وخلال الفترة ما بين 1989 و1990، دخل رجل الأعمال مجال تجارة الحديد السكراب الذي كان مجالاً آخذاً بالازدهار في تلك الفترة، ثم بدأ بعض مصنّعي الصلب الهنود بالتواصل معه لبيع منتجاتهم في الإمارات، الأمر الذي ولّد مزيداً من الإيرادات لشركته التي بدأت تكبر.

الصلب الروسي

وعن الفرص التي لاحت في الأفق في ذلك الوقت يقول باتيا: «مع نمو نشاطي التجاري، تواصلت معي مجموعة سويسرية متخصصة بمنتجات الصلب الروسية لأقوم بتسويق منتجاتها في المنطقة. لذا، في العام 1994، طرحت منتجات الصلب الروسية في الإمارات وواجهت الكثير من المصاعب حينها، لم يكن توريد الحديد الروسي مرحباً به من قبل تجار الحديد المحليين». وقال: «وعندما وصلت الشحنة الأولى من الحديد الروسي إلى ميناء راشد في يونيو/ حزيران 1994، اضطررت لتخزين 2000 طن من قضبان الحديد لمدة أسبوعين تحت حرارة الشمس، ورغم التحديات نجحت بتسليمها للعملاء في الموعد المحدد، ما ساعد على دعم نمو نشاطي التجاري أكثر».

تجارة الصلب

في العام 1997، أسس باتيا شركة «يونايتد ميتال سبلاي لمتد» للتركيز أكثر على تجارة الصلب وقام باستئجار مساحة أرض في منطقة القوز بدبي لتوزيع منتجات الصلب إلى الأسواق الخليجية وسط نمو متزايد في الأعمال.

وقال: «في العام 2001، اشتريت مساحة أرض واسعة في المنطقة الحرة لجبل علي جافزا، بالقرب من الميناء للمساعدة على إدارة أعمالنا بشكل أفضل على صعيد تحميل وتفريغ قضبان الصلب الثقيلة ونقلها إلى العملاء وفي تلك الفترة بدأت بتوريد كميات أكبر من الصلب في مستودعات ضخمة شهرياً».

وأضاف: «في هذا الموقع بالتحديد، أنشأنا مكتباً جديداً ومنشأة تخزين ومنشأة لإنتاج الصلب حيث تطلب المصنع الجديد استثمارات إضافية بقيمة 5 ملايين دولار لتسليم طاقة إنتاجية سنوية بحوالي 250 ألف طن».

شراكات واسعة

وعن الشراكات والتصنيع، يقول باتيا: «أسست كوناريس العام 1988، حيث ركزت في البداية على تجارة الحديد، ولكن وبعد بناء شراكات واسعة مع مصانع صلب مشهورة عبر العالم، قمت بجلب أفضل الكفاءات العالمية إلى الدولة لتأسيس منشأة تصنيعية خاصة بطريقة عصرية ومتطورة في دولة الإمارات».

نمو كبير

وعن حجم الأعمال والمبيعات واستثمارات «كوناريس» في الإمارات حتى الآن قال باتيا: «سجلت الشركة إيرادات بقيمة 10 مليارات درهم منذ التأسيس وحتى الآن، فيما وصل حجم الاستثمارات في الإمارات إلى 1.5 مليار درهم، فيما تجاوزت القيمة السوقية لأصول «كوناريس» 1.5 مليار درهم، ونتوقع أن تتجاوز الملياري درهم خلال الأعوام القليلة المقبلة، كما خصصت الشركة 250 مليون درهم استثمارات للتوسع حالياً». وأضاف: «لدى كوناريس حالياً محفظة منتجات تتنوع بين قضبان التسليح والأنابيب والمواسير ولفائف الصلب المطلي بالألوان، في دولة الإمارات والمنطقة بقدرة إنتاجية لتصنيع 1.15 مليون طن سنوياً تلبي الطلب المتنامي من قطاع البنية التحتية والإنشاءات».

وأوضح: «بقي نمو الشركة على مسار تصاعدي على مدار 3 عقود وتتمتع الشركة حالياً بحضور في أسواق عالمية، حيث تصدر منتجاتها من الحديد إلى بلدان مختلفة خارج الإمارات ودول الخليج العربي منذ العام 2005».

25 سوقاً

وعن حجم وطبيعة الدعم والتسهيلات التي قدمتها الحكومة لممارسة الأعمال والنمو والتطور والتوسع في الإمارات يؤكد باتيا: «مكننا الدعم الذي توفره الحكومة في الإمارات والجهات المعنية لقطاعات الأعمال من التحول من شركة صغيرة في المنطقة الحرة لجبل علي لتصبح شركة عالمية تصدر منتجاتها إلى 25 سوقاً حول العالم بفضل الامتيازات التي تقدمها المنطقة الحرة والبيئة الاستثمارية المواتية في الإمارات التي كانت حريصة دائماً على تقديم التسهيلات للشركات الصناعية في مختلف المجالات».

منظومة المناطق الحرة

وقال: «نجحت دبي في تكوين منظومة من المناطق الحرة شكلت إضافة نوعية للاقتصاد الوطني من خلال تركيزها على المشاريع الصناعية الريادية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، حيث تتمتع هذه المناطق الحرة بجودة بنية قانونية وتشريعية متطورة تواكب النمو الذي تحققه الشركات الصناعية على اختلاف قطاعاتها. كما أن الحزم التحفيزية التي تقدمها الحكومة تساعدنا كمستثمرين ورجال أعمال على تخفيف حدة الأزمات العالمية على أنشطتنا التجارية».

«صنع في الإمارات»

ويرى باتيا أنه «بفضل دعم الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية، تشهد منتجاتنا التي تحمل علامة (صنع في الإمارات) قبولاً واسعاً في الأسواق، لتصبح الخيار المفضل للعديد من المشاريع المرموقة في الدولة، إن المرونة والدعم من قبل الجهات الحكومية وشبه الحكومية لبناء صناعة بهذا الحجم كان كبيراً جداً».

استثمارات جديدة

وحول اعتزامه ضخ استثمارات جديدة في الإمارات خلال 2021 أو ما بعدها قال باتيا: «سنقوم بضخ استثمارات تقدر ب 250 مليون درهم في دعم تنويع محفظة منتجاتها الحالية من الصلب وإطلاق خط إنتاج الأسلاك ضمن منشأتنا الكائنة في جبل علي».

مستقبل الأعمال

وعن رؤيته لمستقبل الأعمال في الإمارات، أعرب باتيا عن تفاؤله الكبير بمستقبل الأعمال في الإمارات، لا سيما بعد حصوله على موافقة رسمية من مؤسسة دبي لتنمية الاستثمار، إحدى مؤسسات دائرة التنمية الاقتصادية بدبي، في تملك نسبته 100 % لعمليات نشاطه التجاري في دولة الإمارات.

ومما لا شك فيه أن هذه الخطوة ستسهم في الارتقاء بمحفظة منتجات الشركة التي تحمل علامة «صُنع في الإمارات» إلى آفاق جديدة وتعزيز القدرات التصديرية ل«كوناريس» لما ستكتسبه المنتجات من سمعة وجودة عالية في مختلف أنحاء العالم. وقال: «هذه الخطوة تضفي قيمة كبيرة على الأعمال، وآمل أن أساهم على نحو أكبر في دعم النمو الاقتصادي للبلاد».

وأعرب باتيا عن امتنانه لحكومة الإمارات ودبي لدعمهم وثقتهم المستمرة بالقطاع الصناعي وقال: «سيسمح لنا ذلك بالعمل على نطاق أوسع في عموم المنطقة العربية ولتلبية متطلبات المشاريع الصاعدة في دولة الإمارات حيث تمت مواءمة عملياتنا التشغيلية مع احتياجات الدولة لتطوير مشروعات البنى التحتية واضعين في الاعتبار رؤية الإمارات ودبي ونتوقع طلباً جيداً على منتجاتنا من المشاريع الجارية والمرتقبة في الإمارات». وقال: إن منتجات الشركة تُستخدم في مجموعة واسعة من المشاريع الكبرى في الإمارات، بما في ذلك مشروع «قطار الاتحاد» ومشروع «إكسبو 2020» ومجمع المطار الجديد في أبوظبي والمترو وأوبرا دبي، ومتحف المستقبل، وغيرها الكثير.

المحرك الأساسي

المحرك الأساسي في حياة رجل الأعمال بهارات باتيا العملية والمهنية للتطور والنجاح في عالم الأعمال يستمد الإلهام من رؤية القيادة الرشيدة لدولة الإمارات، التي تتطلع دوماً لترسيخ مكانتها كمركز إقليمي للصناعات وقال: «تواصل «كوناريس» تطورها بالتوازي مع نمو الإمارات ومتطلباتها وتسعى لتصبح الشريك المثالي لتلبية متطلبات الصناعة المتنامية لحديد التسليح والأنابيب بمصنعها المتكامل القائم في دبي بقدرة إنتاجية إجمالية تصل لمليون طن متري سنوياً».

أنصح أي مستثمر بأن يجعل الإمارات خياره

نصح رجل الأعمال بهارات باتيا، أي مستثمر بأن يجعل دولة الإمارات ودبي تحديداً الخيار الأول له لتأسيس أعماله، حيث تكاليف تأسيس الشركات أقل كلفة إذا ما قورنت ببلدان أخرى، كما أن الدولة تقدم دائماً حلولاً للتغلب على أي مشكلات تتعلق بالتكلفة وأنصح المستثمرين بأن ينظروا للإمارات بوصفها أول خيار لتأسيس مشاريع قيمة مضافة ومنتجات تحمل شعار «صُنع في الإمارات».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"