عادي
بمناسبة مرور عام على إطلاقه باتجاه الكوكب الأحمر

«مسبار الأمل».. صور متفرّدة من المريخ إلى العالم

23:56 مساء
قراءة 5 دقائق
Video Url
1

دبي: يمامة بدوان
يكمل مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل» الثلاثاء 20 يوليو، عاماً على إطلاقه الناجح إلى الكوكب الأحمر، لتدخل دولة الإمارات عبره التاريخ بإنجاز فضائي غير مسبوق في الوطن العربي، حققته فجر 20 يوليو 2020، في تمام الساعة 01:58 صباحاً بتوقيت الإمارات، بعدما تردد العد التنازلي، في الثواني العشر الأخيرة قبل الإطلاق، من مركز التحكم باللغة العربية لأول مرة في تاريخ البعثات والمهمات الفضائية، ليصل صدى حروف الأرقام العربية في جميع أنحاء العالم.

مع مرور 365 يوماً على إطلاقه للكوكب الأحمر، أثبت المسبار قدرات العقول الإماراتية الفذة، التي عملت جاهدة على تصنيعه وتطويره على أرض الدولة، وتحدت جائحة «كورونا» ونقلته من دبي إلى قاعدة الإطلاق في اليابان، قبل 20 يوماً من التاريخ المخطط له، في خطوة استباقية للأحداث المرتبطة بالفيروس، في رحلة امتدت 83 ساعة، مرت بثلاث مراحل رئيسية بالغة الدقة، استوجبت تفعيل إجراءات علمية محددة، وتوفير الشروط اللوجستية المتكاملة لضمان إنجاز نقل المسبار على النحو الأمثل.

رسالة أمل

7 سنوات بين فكرة المشروع ووصوله إلى المريخ، أثبتت الدولة خلالها أن «اللا مستحيل» بات نهجاً إماراتياً راسخاً؛ حيث جاء إعلان قيادة الدولة الرشيدة مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل»، عام 2014، ليشكل أضخم مبادرة استراتيجية وطنية علمية من نوعها، ولتكون الإمارات أول دولة عربية ترسل مهمة فضائية إلى الكوكب الأحمر، بما يسهم في إثراء المجتمع العلمي العالمي وخدمة الإنسانية.

ويحمل المسبار، رسالة أمل لكل شعوب المنطقة لإحياء التاريخ الزاخر بالإنجازات العربية والإسلامية في العلوم، ويجسد طموح الإمارات وسعي قيادتها المستمر لتحدي المستحيل وتخطيه، وترسيخ هذا التوجه قيمة راسخة في هوية الدولة وثقافة أبنائها، كما يعد مساهمة إماراتية في تشكيل وصناعة مستقبل واعد للإنسانية.

اليوبيل الذهبي

وكانت رحلة مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل» قد بدأت فعلياً فكرة، عبر خلوة وزارية استثنائية دعا إليها صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في جزيرة صير بني ياس في أواخر عام 2013؛ حيث قاد عصفاً فكرياً مع أعضاء مجلس الوزراء وعدد من المسؤولين، استعرض فيه معهم جملة أفكار للاحتفال باليوبيل الذهبي لقيام الاتحاد، وقد تبنت الخلوة يومها فكرة إرسال مهمة لاستكشاف المريخ، مشروعاً جريئاً، ومساهمة إماراتية في التقدم العلمي للبشرية، بشكل غير مسبوق.

وتحولت هذه الفكرة واقعاً، عندما أصدر صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عام 2014 مرسوماً بتأسيس وكالة الإمارات للفضاء، لبدء العمل على مشروع إرسال أول مسبار عربي إلى كوكب المريخ، أطلق عليه اسم «الأمل»؛ بحيث يتولى مركز محمد بن راشد للفضاء التنفيذ والإشراف على مراحل تصميمه وتنفيذه، بينما تمول الوكالة المشروع وتشرف على الإجراءات اللازمة لتنفيذه.

صور دقيقة

صور متفردة تمكن «مسبار الأمل» من توفيرها للعالم، عبر أجهزته الدقيقة؛ حيث التقطت كاميرا تتبع النجوم التي تستخدم للملاحة ضمن أجهزة الملاحة الفضائية للمسبار في 22 يوليو من العام الماضي، أي بعد يومين من إطلاقه، أول صورة لوجهته نحو الكوكب الأحمر، بعد ابتعاده عن كوكب الأرض بمليون كيلومتر في عمق الفضاء، فيما تبعتها في أغسطس صورة أخرى التقطها المسبار؛ حيث تجاوز حينها 100 مليون كيلومتر من رحلته، وظهر في الصورة المريخ من الأمام، فيما كوكبا زحل والمشتري، كانا في الخلف.

وفي 23 مايو الماضي، باشر المسبار أداء مهامه العلمية، بعد أن استقر نهائياً في مدار المريخ، محققاً نجاحاً جديداً في مهمة جمع البيانات العلمية عن الكوكب الأحمر، التي تمتد حتى إبريل 2023، عقب بدء المرحلة العلمية التي جرت في 14 إبريل الماضي، عبر تنفيذ عدد من عمليات المعايرة والاختبار، وإمكان إجراء توجيه طفيف لمساره، من أجل التأكد من سلامة الأجهزة العلمية الثلاثة، وضمان دقة قياساتها العلمية، على أن يبدأ في أكتوبر المقبل مشاركة البيانات التي يجمعها وتبلغ سعتها نحو 1000 جيجا بايت، مع 200 جهة علمية وبحثية في العالم، عبر منصة متخصصة سيوفرها مركز محمد بن راشد للفضاء مجاناً.

الشفق المنفصل

وفي 30 يونيو الماضي، كشف «مسبار الأمل»، الصور الأولى من نوعها التي تبين صورة شاملة لظاهرة الشفق المنفصل في الغلاف الجوي للمريخ أثناء الليل، باستخدام الأشعة فوق البنفسجية البعيدة، التي تعد سابقة في العالم؛ إذ توفر تفاصيل عالية الدقة وعبر أطوال موجية لم ترصد سابقاً.

وتُظهر الصور التي التقطها المقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية، الذي يحمله المسبار على متنه، وهجاً يعرف باسم «الشفق المنفصل»، تتبع أنماطه المعقدة المناطق التي تعمل فيها المجالات المغناطيسية غير المنتظمة التي تنتجها المعادن الممغنطة الموجودة على سطح المريخ، علماً بأن هذا التأثير للحقول المغناطيسية للمريخ يعد سمة فريدة للكوكب الأحمر؛ حيث إنه على عكس الأرض، لا يمتلك مجالاً مغناطيسياً شاملاً تولده نواة الكوكب.

أجهزة علمية

ويحمل المسبار 3 أجهزة علمية صممت لجمع أكبر حجم من المعلومات عن مناخ كوكب المريخ، تساعد على توفير أول صورة متكاملة لغلافه الجوي، وعلى مدار اليوم وخلال فصول السنة، وتشمل كاميرا الاستكشاف الرقمية، وهي إشعاعية قادرة على التقاط صور ملونة عالية الدقة للكوكب بدقة 12 ميجا بكسل، فضلاً عن قياس الجليد والأوزون في الطبقة السفلى لغلافه الجوي.

ويحمل المسبار جهاز «المقياس الطيفي بالأشعة تحت الحمراء» الذي يقيس درجات الحرارة وتوزيع الغبار وبخار الماء، والغيوم الجليدية في الطبقة السفلى للغلاف الجوي، وجهاز «المقياس الطيفي بالأشعة ما فوق البنفسجية» لقياس الأوكسجين وأول أكسيد الكربون في الطبقة الحرارية وقياس الهيدروجين والأوكسجين في الطبقة العليا للغلاف الجوي.

أحوال مناخية

يؤدي «مسبار الأمل» مهمة علمية هي الأولى من نوعها في العالم، بتوفير أول صورة شاملة عن الحالة المناخية على كوكب المريخ على مدار العام، إلى جانب بحث أسباب تلاشي الطبقة العليا للغلاف الجوي للمريخ، واستقصاء العلاقة بين طبقاته الدنيا والعليا على كوكب المريخ، ومراقبة الظواهر الجوية على سطحه، من بينها رصد العواصف الغبارية، وتغيرات درجات الحرارة، والكشف عن الأسباب الكامنة وراء تآكل سطح المريخ، والبحث عن أي علاقات تربط بين الطقس الحالي والظروف المناخية قديماً للكوكب الأحمر.

وستودع البيانات العلمية التي يجمعها المسبار، في مركز للبيانات العلمية في دولة الإمارات؛ بحيث يفهرس الفريق العلمي الإماراتي هذه البيانات ويحللها، ويشاركها مجاناً مع العلماء والباحثين المختصين في مختلف أنحاء العالم.

تحديات حافلة

على مدى 7 سنوات من العمل على «مسبار الأمل»، تصميماً وتنفيذاً وبناء من الصفر، شهد المشروع تحديات جمّة، شكل تخطيها قيمة مضافة له.

وكان أولها، إنجاز المهمة الوطنية التاريخية لتصميم المسبار وتطويره خلال 6 سنوات، حتى يتزامن وصوله مع احتفالات الدولة بيومها الوطني الخمسين، في حين أن المهام الفضائية الأخرى، يستغرق تنفيذها بين 10 - 12 عاماً.

كما شكل نقل المسبار إلى محطة الإطلاق في اليابان، بالتزامن مع تفشي جائحة «كورونا» عالمياً، تحدياً آخر؛ حيث شهدت مطارات العالم وموانئه إغلاقاً تاماً، ووضعت قيود صارمة على التنقل بين الدول ضمن الإجراءات الاحترازية لمكافحة تفشي الفيروس، وكان على فريق العمل أن يضع خططاً بديلة لنقل المسبار في الموعد في ضوء هذا التحدي المستجد، حتى يكون جاهزاً للإطلاق في التوقيت المحدد سلفاً في منتصف يوليو 2020، وهنا سجل الفريق إنجازاً جديداً في مسيرة تخطي التحديات؛ إذ نجح في نقل المسبار إلى محطة تانيغاشيما اليابانية، في رحلة استغرقت 83 ساعة براً وجواً وبحراً، ومرت بثلاث مراحل رئيسية، روعي خلالها اتخاذ تدابير وإجراءات لوجستية محكمة، لضمان إيصال المسبار إلى وجهته النهائية قبل الإطلاق في وضعية مثالية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"