«اعملوا الآن»

00:15 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

من آسيا إلى أمريكا، إلى أستراليا فأوروبا، تجتاح الفيضانات المدمرة مناطق واسعة، وتلتهم الحرائق الهائلة الغابات، ويسقط مئات الضحايا، وتتحول مناطق واسعة من العالم إلى أراضٍ قاحلة.

 هو صراع الطبيعة مع جشع الإنسان الذي لا يشبع ولا يسمع ولا يرحم، وكأنه يصرّ على ممارسة إبادة ذاتية، من دون تقدير لجرائمه بحق الأرض والبيئة.

 الفيضانات التي اجتاحت بعض الدول الأوروبية، وخصوصاً ألمانيا وبلجيكا وهولندا ولوكسمبورج قبل أيام، وأدت إلى مقتل أكثر من 130 شخصاً، إضافة إلى فقدان المئات وما ألحقته من دمار هائل، والحرائق التي اجتاحت مناطق واسعة من الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وشردت الآلاف، هي مجرد نماذج قد تكون بسيطة أمام ما يمكن أن يحدث مستقبلاً، جراء العبث المستمر بالطبيعة.

 إن البشرية في سباق مع الزمن، إما أن تستعجل في اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري والعناية بكوكب الأرض، وإما عليها أن تتحمل كوارث قادمة مرعبة.

 تقول الأرقام الأممية، إن نحو 166 مليون شخص في إفريقيا وأمريكا الجنوبية، احتاجوا إلى مساعدات بين عامي 2015 و2019، بسبب حالات الطوارئ الغذائية المرتبطة بتغير المناخ، كذلك فإن هناك 80.8 مليون شخص أكثر عرضة لخطر المجاعة بحلول عام 2050. إذ انخفضت المحاصيل الزراعية بنسبة تتراوح بين 4 و10 في المئة على الصعيد العالمي خلال الثلاثين سنة الماضية، وتراجعت كميات صيد السمك في المناطق الاستوائية بمعدل يتراوح بين 40 و70 في المئة في ظل ارتفاع الانبعاثات، وهناك 2.25 مليار شخص معرضون لخطر الإصابة بحمى الضنك في آسيا وإفريقيا وأوروبا، في ظل استمرار سيناريوهات الانبعاثات العالية. كما يتوقع أن تزيد نسبة الهجرات الداخلية عن معدلها بين عامي 2020 و2050 بنسبة ستة أضعاف، جراء ندرة المياه وقلة المحاصيل. 

 أما الكارثة الأعظم، فهي تلك التي ستكون ناتجة عن ذوبان الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي، إذ ستغمر مياه المحيطات والبحار، أجزاء واسعة من الجزر، والمناطق الساحلية المنخفضة في العديد من دول العالم.

 إنه التحدي بين الإنسان والظواهر المناخية القصوى، لذلك أطلقت الأمم المتحدة حملة «اعملوا الآن»، الرامية إلى الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري وحماية الأرض التي نعيش عليها، بعد أن أسأنا إليها كثيراً، ولم تعد قادرة على تحمل عبثنا وجنوننا.

 هذه الحملة، هي دعوة مفتوحة للدول والأفراد والشركات، كي يساهموا في التقليل من الانحباس الحراري، وتوفير مناخ يمكن معه العيش، من خلال تغيير عاداتنا، واتخاذ خيارات ذات تأثير أقل في البيئة.

 العالم يستطيع، وقادر على مواجهة تحديات المناخ، إذا أخلص للأرض التي يعيش عليها، وقرر حمايتها، وبناء عالم أكثر استدامة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"