أمريكا اللاتينية.. إلى اليسار

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

حاولت الولايات المتحدة خلال السنوات القليلة الماضية استعادة حديقتها الخلفية، (أمريكا اللاتينية)، التي كانت اتجهت يساراً، ونجحت في بعض الدول، وأخفقت في البعض الآخر. نجحت في البرازيل حيث خرج الرئيس اليساري «لولا» من السلطة، في انقلاب سياسي مركّب، وجيء بنائبه ميشال تامر، ثم بالرئيس الحالي بولسونارو الذي يواجه معارضة شعبية عارمة بسبب سياساته الاقتصادية، وفشله في مواجهة جائحة «كورونا»، حيث تشير التقارير إلى أن «لولا» الذي خرج من السجن بريئاً من تهمة الفساد التي وجهت إليه، قد يكون المنافس الأقوى في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

 ونجحت الولايات المتحدة أيضاً في الإكوادور حيث جيء بالرئيس اليميني جويلرمو لاسو، بعد لينين مورينو، واليساري رفائيل كوريا. كذلك نجحت في تدبير انقلاب عسكري ضد الرئيس البوليفي اليساري إيفو موراليس، الذي استقال ولجأ إلى المكسيك، ثم عاد إلى بلاده بعد أن انتخب الشعب البوليفي خلال العام الماضي لويس آرسي، معلناً عودة «الحركة نحو الاشتراكية» إلى السلطة.

 لكن الولايات المتحدة فشلت في المكسيك، حيث تم في يوليو/ تموز الماضي، انتخاب أول رئيس اشتراكي في تاريخها الحديث بأغلبية ساحقة، هو لوبيز أوبرادور، خلفاً للرئيس اليميني انريكي بينيا نييتو.

 كما فشلت في الإطاحة بالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم الحصار الاقتصادي الذي فرضته على فنزويلا، وتبنّي المعارض خوان جوايدو، والاعتراف به «رئيساً». وفشلت أيضاً في الإطاحة بالنظام الكوبي الذي يتعرض لأشد حصار اقتصادي وسياسي منذ ستينات القرن الماضي.

 آخر هزيمة سياسية للولايات المتحدة في حديقتها الخلفية، كانت فوز المرشح اليساري بيدرو كاستييو برئاسة البيرو، بعد أن تمكن من هزيمة منافسته اليمينية كيكو فوجيموري، ابنة الرئيس الأسبق البرتو فوجيموري المعتقل لمدة 25 عاماً بتهمة الفساد. كما أن كيكو متهمة أيضاً بالفساد وغسل الأموال، لكنها تزعم أن دوافع ذلك سياسية. إلا أن فشلها في الوصول إلى الرئاسة حرمها من إصدار عفو عن والدها.

 الرئيس اليساري الجديد تعهد بتأميم قطاعات النفط والتعدين والغاز التي تستثمرها شركات أمريكية، كذلك وعد بتأمين مليون وظيفة جديدة خلال عام، وإذا ما نفذ وعده فإنه سيضع نفسه في مواجهة مباشرة مع الشركات الأمريكية، وبالتالي مع الإدارة الأمريكية.

 إن عودة اليسار إلى أمريكا اللاتينية، في بوليفيا والبيرو والمكسيك، وانضمام هذه الدول إلى كوبا وفنزويلا، سوف يشجع بلا شك شعوباً أخرى على خيارات غير يمينية، بعد أن أثبتت هذه الخيارات فشلها في تحقيق العدالة الاجتماعية التي تمكّن شعوب القارة الأمريكية من استعادة ثروات بلادها المنهوبة، والتخلص من سياسات اقتصادية فاشلة لم تنتج إلا الفقر والفساد والخضوع للهيمنة الأمريكية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"