عادي
العالم يواجه حالة طوارئ مناخية

تقنية التقاط الكربون.. بين التأييد والتشكيك بقدرتها على تقليل الانبعاثات

22:22 مساء
قراءة 4 دقائق
دبي - أحمد البشير

في الأغلب يتم اعتبار تقنية التقاط وتخزين الكربون أمراً باعثاً على الأمل فيما يخص الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، والذي يظهر بشكل بارز في الخطط المتعلقة بالمناخ للبلدان المتقدمة والنامية على حد سواء، إضافة إلى استراتيجيات بعض أكبر شركات النفط والغاز في العالم للوصول إلى معدلات صفرية لانبعاثات الكربون.

إلا أن هذا الموضوع مثير للانقسام؛ حيث يجادل الباحثون في مجال المناخ والناشطون وجماعات الدفاع عن البيئة بأن تكنولوجيا تخزين الكربون ليست حلاً ناجعاً.

ويواجه العالم حالة طوارئ مناخية، ويتعرض صانعو السياسات والرؤساء التنفيذيون لضغوط مكثفة للوفاء بالوعود التي قطعوها على أنفسهم كجزء من اتفاقية باريس التاريخية. وينظر إلى الاتفاقية، التي صادقت عليها ما يقرب من 200 دولة في عام 2015، على أنها مهمة للغاية في تجنب أسوأ آثار التغيّر المناخي.

ويشير مصطلح التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه، والذي في الأغلب يتم اختصاره بعبارة «CCUS»، إلى مجموعة من التقنيات المصممة لالتقاط ثاني أكسيد الكربون من الأنشطة عالية الانبعاثات مثل محطات توليد الطاقة والمرافق الصناعية، التي تستخدم الوقود الأحفوري أو الكتلة الحيوية للوقود.

ويتم بعد ذلك ضغط ثاني أكسيد الكربون الملتقط ونقله عبر خطوط الأنابيب أو السفن أو السكك الحديدية أو الشاحنات لاستخدامه في مجموعة من الصناعات أو تخزينه بشكل دائم تحت الأرض. ويعتقد أنصار هذه التقنية أنها يمكن أن تؤدي دوراً مهماً ومتنوعاً في تحقيق أهداف الطاقة والمناخ العالمية.

حل مؤقت

إلا أن كاروول موفيت، الرئيس التنفيذي لمركز القانون البيئي الدولي (CIEL)، ليس واحداً من هؤلاء، حيث يشير إلى أن هنالك عدداً من الأسباب التي تجعل تخزين الكربون حلاً غير ناجع للمحافظة على المناخ، والسبب الأول والأكثر جوهرية من هذه الأسباب، حسب رأيه، هو أنه ليس ضرورياً. ويوضح موفيت في مقابلة مع شبكة «سي إن بي سي»: «إذا نظرت إلى تاريخ التقاط الكربون وتخزينه، فإن ما ستراه هو ما يقرب من عقدين من الحل المؤقت، إلى أن يتم الوصول إلى علاج ناجع».

وخلُص تقرير نشره مركز القانون البيئي الدولي مؤخراً إلى أن هذه التقنيات ليست فقط «غير فعّالة وغير اقتصادية وغير آمنة»، ولكنها أيضاً تطيل الاعتماد على صناعة الوقود الأحفوري، وتشتت الانتباه عن الحاجة إلى التوصل إلى بدائل ومصادر لإنتاج الطاقة المتجددة.

خفض درجة حرارة

وفي إشارة إلى الهدف الرئيسي لاتفاقية باريس للحد من انبعاثات الكربون العالمية، قال مركز القانون البيئي الدولي: «إن قابلية التوسع غير المثبتة لتقنيات التقاط الكربون وتخزينه وكلفتها الباهظة، تعني أنها لا تستطيع لعب دور مهم في التقليل السريع للانبعاثات العالمية اللازمة لخفض درجة حرارة الأرض بواقع 1.5 درجة مئوية»، مضيفاً: «على الرغم من وجود هذه التكنولوجيا منذ عقود وحصولها على الدعم الحكومي بمليارات الدولارات، فإن نشر مرافق التقاط الكربون على نطاق واسع لا يزال يواجه تحديات لا يمكن التغلب عليها من حيث الجدوى والفاعلية والكلفة».

وفي وقت سابق من هذا العام، كلّف نشطاء في مؤسسة «جلوبال ويتنس» وجمعية أصدقاء الأرض في اسكتلندا علماء المناخ في مركز «تيندال» في مانشستر بالمملكة المتحدة لتقييم الدور الذي تلعبه تقنية التقاط ثاني أكسيد الكربون وتخزينه في نظام الطاقة.ووجدت الدراسة أن تقنيات التقاط الكربون وتخزينه لا تزال تواجه العديد من الحواجز التي تحول دون نشرها على المدى القصير، وحتى لو أمكن التغلب على هذه العراقيل، فإن التكنولوجيا ستتمكن من تحقيق هدفها بعد فوات الأوان. ومع ذلك، لم يقتنع الجميع بهذه الحجج، حيث تقول وكالة الطاقة الذرية، إنه على الرغم من أن تقنية التقاط الكربون لم تفِ بعد بوعودها، فإنها لا تزال قادرة على تقديم قيمة استراتيجية كبيرة للانتقال إلى صفر انبعاثات.

أدوار استراتيجية

وقالت سامانثا ماكولتش، رئيسة تكنولوجيا التقاط الكربون واستخدامه وتخزينيه في وكالة الطاقة الدولية في لقاء مع شبكة «سي إن بي سي»: «تعد تقنية التقاط الكربون جزءاً مهماً من مجموعة التقنيات التي نضعها في عين الاعتبار».

وحددت وكالة الطاقة الدولية أربعة أدوار استراتيجية رئيسية لهذه التقنية وهي: معالجة الانبعاثات من البنية التحتية للطاقة، ومعالجة الانبعاثات التي يصعب تخفيفها من الصناعات الثقيلة مثل الأسمنت والصلب والكيماويات، وإنتاج الهيدروجين من الغاز الطبيعي، وإزالة الكربون.

ولهذه الأسباب الأربعة، تقول ماكولتش: إنه سيكون من العدل وصف التقاط الكربون وتخزينه حلاً للمناخ.

وفي الوقت الحالي، تمتلك مرافق التقاط وتخزين الكربون في جميع أنحاء العالم القدرة على التقاط أكثر من 40 مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون كل عام.

أول وحدة لالتقاط الكربون عام 1972

تعمل بعض مرافق التقاط الكربون وتخزينه منذ سبعينات وثمانينات القرن الماضي، عندما بدأت مصانع معالجة الغاز الطبيعي في جنوب ولاية تكساس الأمريكية في التقاط ثاني أكسيد الكربون وتوريد الانبعاثات لمنتجي النفط المحليين من أجل تعزيز عمليات استخراج النفط. وتم إنشاء أول وحدة لالتقاط الكربون في عام 1972.

ولم تتم دراسة تقنية احتجاز الكربون لأغراض التخفيف من آثار التغير المناخي إلا بعد عدة سنوات. وفي الوقت الحالي، هنالك 21 مشروعاً تجارياً واسع النطاق في مجال التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه قيد التشغيل في جميع أنحاء العالم، وفي السنوات الأخيرة، تم الإعلان عن خطط لإطلاق ما لا يقل عن 40 مرفقاً تجارياً جديداً في هذا المجال.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"