عمق النضج وروحه

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

تسأل نفسك أحياناً: هل نضجت كفاية، ومتى أعرف أنني وصلت حقيقة إلى عمق النضج وروحه؟ 
هل النضج هو بعدد السنوات التي نعيشها؟ إذا كان كذلك، فكيف نصادف إنساناً ستيني العمر وأكثر، ورعونته ما زالت تسبقه في الكلام والتصرفات، كأنه متمسك بعمر الطيش ولا يغادره أبداً؟ وكيف لشاب أن يتمتع بالحكمة ويجيد التمهّل والتصرف بحذر وكأنه رأى من الدنيا العجب وتعلم منها الكثير؟ 
النضج لا يقاس بالأعمار ولا سقف له يمكِّن الإنسان من الإحساس بأنه وصل إلى الذروة واكتفى، فرحلة التعلم مما نصادفه طويلة على امتداد رحلة كل منا مع الحياة. أخطأت وستخطئ، وستبقى «لو أنني» رفيقتك دائماً. حتى في اختياراتك التي ندمت على ما مضى منها، تعلمت كيف تتجنب السيئ وتتيقظ كي لا تقع في المطبات، لكنك تسهو أحياناً وتجد نفسك تكرر خطأ يرتبط بعفويتك واندفاعك في لحظة ما، في موقف تغلب فيه عواطفك فتسبق العقل وتنحّيه جانباً. 
انظر إلى الأصدقاء، من بقي منهم ومن تمسكت بصداقته على الرغم من بُعد المسافات بينكم وتراكم الانشغالات؟ من هنّأت نفسك على حسن تواصلك معه، ومن اكتشفت أنك رسمت له صورة أجمل من حقيقته، وكأنك خدعت نفسك بنفسك لتُقنعها بأن هذا الشخص مناسب، ورفعته إلى مكانة في حياتك لا يستحقها!.
لا أحد يتغير، مقولة صحيحة ولا يمكن أن نراهن على تغيير أحد كي نتوافق، لكن كيف يلعب النضج دوره ويتدخل لترك بصماته فينا؟ كيف ننضج إن لم نتغير؟ وكيف يلعب الحب دوراً كبيراً في التغيّر الذي ترتضيه لنفسك وتبادر بالذهاب إليه طوعاً، كي تلتقي مع الحبيب؟ 
وكأن الإنسان مجبول على أن يعيش في تناقض، ثابت عنيد في تغيير طباع وسلوكيات وأفكار.. ليِّن مطواع في تغيير طباع وسلوكيات وأفكار.. قد يقرأ كتاباً أو يسمع حكمة فيتعلم درساً ويُردِّده ليذكر نفسه به، وقد يقع في حفرة ويتألم ويبكي ثم ينهض وتمضي الأيام به حتى تضعه فجأة في موقف مختلف في الشكل مماثل في الجوهر، فيقع في الحفرة ويعود إلى الندم مجدداً. ويقولون لك: «هذا بفعل طيبة قلبك»، فهل الطيبة هي حقاً مصدر الألم، وتضع على عينيك غشاوة فتخدعك في كل مرة؛ لأنها متأصلة فيك ولا يمكنك اقتلاعها من جذور نفسك؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"