عادي

كندا في صدمة بسبب فضيحة مدارس أبناء السكان الأصليين

19:36 مساء
قراءة 3 دقائق
3492324

مونتريال: (أ ف ب)

تزايدت مطالبات الكنديين بكشف الحقيقة عن التاريخ المؤلم للمدارس الداخلية التي كان يرسل إليها أبناء السكان الأصليين، والتي تسببت حوادثها الأخيرة في صدمة كبيرة في البلاد، حيث رأى البعض أنها السبيل الوحيد لتحقيق المصالحة.

وقال رئيس مجلس الأمم الأولى في كيبيك ولابرادور جيلان بيكار: «إنها بالتأكيد نقطة تحول». وأضاف: «الناس أكثر استجابة الآن فهم يريدون معرفة الحقيقة عن هذا الفصل المظلم من التاريخ الكندي».

وعرفت في السنوات الماضية تفاصيل هذا الدمج القسري، والعنف الذي مورس في تلك المؤسسات بالنسبة لجمهور أكبر بقليل من الكنديين غير السكان الأصليين، لكن غضباً عارماً تفجر في الأشهر القليلة الماضية، بعد الكشف عن مئات القبور المجهولة في حرم عدد من تلك المدارس.

فقد أرسل عشرات آلاف الأطفال من أبناء السكان الأصليين قسراً إلى تلك المدارس الدينية في أنحاء البلاد، اعتباراً من أواخر القرن ال19، وحتى التسعينات الماضية، وفُصلوا عن عائلاتهم وثقافاتهم.

وقضى الآلاف في تلك المدارس، وتعرض العديد لاعتداءات، وفق لجنة تحقيق خلصت إلى أن الحكومة الكندية ارتكبت «إبادة ثقافية».

وفي 2008، وجّه رئيس الوزراء ستيفن هاربر اعتذاراً نيابة عن الشعب الكندي، في ما يتعلق بتلك المدارس الداخلية.

وقالت المواطنة في مونتريال ماري كريستين بوافان فورنييه البالغة 33 عاماً: «كان متوقعاً أن نكتشف في يوم ما شيئاً كهذا»، معبرة عن الصدمة إزاء ما عثر عليه، لكنها قررت أن تتحرك، وبدلاً من تقديم الهدايا لها في عيد ميلادها في وقت سابق هذا الشهر، طلبت من أصدقائها وعائلتها التبرع بأموال بعد خروج المعلومات عن «المدارس الداخلية والإبادة الاستعمارية، واختفاء نساء وفتيات من السكان الأصليين».

وقالت جمعية «ملجأ نساء السكان الأصليين في مونتريال» التي استفادت من الأموال: «كانت خطوة بسيطة لكن ذات دلالة كبيرة». وأكدت ناكوسيت، مديرة الملجأ، أن «الأفعال أهم من الكلام»، معتبرة تلك الخطوات «مصالحة»، لافتة إلى أن الجمعية تلقت تبرعات كثيرة هذا العام في العيد الوطني.

وفيما اختار كنديون الرد على الأنباء بدعم السكان الأصليين بالتبرعات المالية، صب آخرون غضبهم على السلطات الدينية.

وأكدت بروفيسورة الأنثروبولوجيا في جامعة مونتريال ماري بيار بوسكيه، أن اكتشاف القبور المجهولة الأسماء كان بمثابة صدمة كبرى للمجتمع الكندي.

وقالت: «الناس أدركوا أن إرث المدارس الداخلية لم يكن فقط صوراً بالأبيض والأسود لأطفال في صفوف في البلاد؛ بل صار واقعاً ملموساً».

واعتبرت بوسكيه أن «هذه ليست الصورة التي كانت لدى الكنديين عن بلدهم. إنها ليست بلداً يُدفن فيه الأطفال سراً».

وأضافت: «هم يعتبرون أن بلدهم ديمقراطية متعددة الثقافات، مع ماض منير ومساحات مفتوحة جداً، وليس بلداً قائماً على الإبادة. أدركنا أخيراً أن ذلك خرافة. إنها معلومات قاسية للغاية».

وفي الجامعات تُرجم ذلك الإدراك بارتفاع كبير في عدد المنتسبين إلى برامج دراسات حول السكان الأصليين.

ووصل عدد المنتسبين لقسم دراسات السكان الأصليين بجامعة ألبرتا إلى 40 ألف منتسب في الأسبوع الذي بدأ في الخامس من يوليو/تموز، حسبما ذكر الأستاذ في القسم بول جارو، وهو من السكان الأصليين من شعب «الميتيس» وأصله من سيسكاتشوان. وعادة يسجل قرابة ألف شخص شهرياً لدراسة المادة، كما قال. وأضاف: «يدل العدد 40 ألفاً على أشخاص يستجيبون لشيء ما، ولا أستطيع سوى التفكير في أنه ما اكتُشف في المدارس الداخلية»، معبراً عن الدهشة من العدد الضخم.

وتعتقد بوسكيه أن كنديين كُثراً سيرغبون في إطلاعهم على ماضي السكان الأصليين، مع تواصل الأبحاث المتعلقة بالمدارس الداخلية.

ويقدر الخبراء أن قرابة 150 ألف طفل التحقوا بتلك المدارس، وأن أكثر من أربعة آلاف منهم قضوا فيها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"