عادي

«لمن يهمه المرّ».. سردية الوجع

23:52 مساء
قراءة دقيقتين
7

في روايتها «لمن يهمه المرّ» تستجيب الروائية حلا الخطيب بكل قوى روحها، وبكل ألم وجدانها، للقضية السورية الموجعة في زمنها التراجيدي، وذلك حينما رصدت في نصها تداعيات الحرب السورية على الأسرة والأفراد بما فيها من حصار وهجرة ولجوء وغربة وحنين، والتي تشكّل بمضامينها السّمة الأكثر بروزاً في حياة السوريين حتى اليوم.

صدرت الرواية عن الدار العربية «ناشرون»، وهي ترصد حياة مجموعة من الأُسر السورية وخياراتها أثناء الحرب السورية، مبينةً أثر ذلك في العالم الداخلي للفرد الذي صار يفتقد أمانه الروحي حينما ابتعد عن جذوره، فمنهم من اضطروا للرحيل كعائلة أم إبراهيم في حلب التي هاجر أفرادها إلى ألمانيا: «لم يعد لدينا رفاهية الاختيار. بين المر والأمرّ مجبرة أن أختار المر»، ومنهم من فضّل البقاء والتمسك بالوطن، وما بين هذا وذاك، هناك القادمون والمغادرون، وهناك آخرون خارج الصورة كليّاً، وهناك أيضاً من وقف به الزمن على حافة الذكرى يسترجع زمناً جميلاً مضى، ويأسف لِما دمرته الحرب من أماكن شهدت طفولته ومرتعه وأيام صباه؛ حيث كل شيء كان يبدو ممتعاً لبساطته وعدم تكلّفه.

ما يميز هذه الرواية؛ كونها نصاً أدبياً يُمكن له إدماج جراحات وانكسارات وهواجس السوريين بعد مرور عشر سنوات ونيف على الأزمة. فالقارئ لِما بين السطور يجد ثمة تشاركاً وجدانياً أو نوعاً من الارتباط بين شخصيات الرواية (النسائية والرجالية)، بمختلف الانتماءات العقدية والأيديولوجية سواء داخل حدود الوطن أم خارجه.

ويتمظهر ذلك في السرد بوصف كلّ ما تختزنه الذاكرة الجماعية عن سوريا بعاداتها وتقاليدها وكلّ ما هو مشترك بين بنيها. بالإضافة إلى الاعتناء بفنيّة الرواية، فالسرد متنوّع من حيث النوع والاتجاه واللغة والحيّز الذي يدور فيه المضمون بما يحوي من تذكّر واعترافات وتخيّلات، واتجاهه هو الماضي القريب وأحياناً المستقبل. وبهذا الصنيع الفني المتميز تمكنت الروائية أن تصنع لقضية بلدها شبيهاً روائياً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"