كلايد روسل*
لقد تم نسيان اليابان إلى حد كبير بوصفها مصدراً مهماً للطلب على سلع الطاقة، وطغى عليها الصعود السريع للمارد الصيني، لكن أهداف توليد الكهرباء الجديدة في البلاد ستهز السوق العالمي.
لسنوات عديدة، كان يُنظر إلى اليابان على أنها مصدر ثابت إلى حد كبير للطلب على الغاز الطبيعي المسال، والفحم الحراري المستخدم في توليد الطاقة، مع وجود اختلافات طفيفة في الكميات المستوردة على أساس سنوي.
لكن هذا الوضع المريح لمنتجي السلع الأساسية الذين يزودون ثالث أكبر اقتصاد في العالم قد ينتهي إذا تم تنفيذ مسودة أحدث سياسة للطاقة في اليابان. حيث تهدف الأخيرة إلى زيادة استخدام الطاقة المتجددة إلى 38% من مزيج الكهرباء بحلول عام 2030، أي ضعف مستوى 18% الذي حققته البلاد في السنة المالية حتى مارس/آذار 2020.
وتعني هذه القفزة في استخدام الطاقة المتجددة أنه سيتعين على الغاز الطبيعي المسال والفحم الحراري التنازل عن حصتهما في السوق. وبحسب المخطط له سينخفض استهلاك الفحم إلى 19% من حجم التوليد، مقارنة بحوالي 32% في السنوات الأخيرة، وكذلك الغاز الطبيعي المسال سينخفض إلى 20% من حوالي 37%.
وتستهدف الطاقة النووية السلمية أيضاً توفير 20 إلى 22% من الكهرباء في عام 2030 في اليابان، أي بزيادة حادة عن نسبة 6% التي حققتها خلال السنة المالية لعام 2019 وسط خروج العديد من المفاعلات في البلاد عن الخدمة لفحوص السلامة التي يتم تنفيذها في أعقاب كارثة فوكوشيما منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا.
ومن المتوقع أن تشكل أنواع الوقود الجديدة، مثل الهيدروجين والأمونيا، 1% فقط من توليد الطاقة في اليابان بحلول عام 2030، ارتفاعاً من نسبة «الصفر» الفعلية حالياً.
من المؤكد أن مسودة الخطة الحالية في مجال الطاقة المتجددة طموحة، ومتفائلة للغاية بشأن الطاقة النووية، خصوصاً أنها غير ملزمة بمصادر وقود جديدة. ومن المحتمل أن يتم تمديدها لتحقيق الأهداف المرجوة، بالتزامن مع الاستثمار الهائل والمطلوب في مصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية، وعلى الأرجح مع تخزين البطاريات أيضاً.
في جانب متصل، قد يرفض الرأي العام الياباني المكوّن النووي، والذي سيتطلب إعادة تشغيل معظم، إن لم يكن جميع المفاعلات المتبقية، مع وجود تسعة منها تعمل حالياً وحوالي 24 مفاعلاً متوقفة عن العمل.
وعلى الرغم من التحديات التي ينطوي عليها تنفيذ مسودة الخطة، فإن التأثير الرئيسي سيطال مصدرين مهمين للطاقة القديمة كما ذكرنا سالفاً وهما الغاز الطبيعي المسال والفحم، وخاصة في أستراليا التي تُزود اليابان بحوالي ثلثي احتياجاتها من الفحم الحراري، مع واردات بلغت 70.7 مليون طن في عام 2020، من إجمالي 105.2 مليون طن، وذلك وفقاً لبيانات رسمية.
لطالما فضلت المرافق اليابانية الفحم الحراري الأسترالي لقيمته العالية من حيث الطاقة، وشوائبه المنخفضة مقارنة بالدرجات الأخرى المتاحة في السوق. وإذا حققت اليابان هدفها المتمثل في خفض نسبة الفحم من حصة 32% من توليد الطاقة في السنة المالية 2019 إلى 19% فقط بحلول عام 2030، فهذا يعني أنها ستشتري كمية أقل بنحو 42 مليون طن من الفحم بحلول عام 2030، بافتراض أن إجمالي توليد الطاقة سيبقى ضمن مستوياته الحالية. وبالتالي سيكون من المنطقي تصور حجم الضربة التي سيتعرض لها عمال المناجم الأستراليون.
وفي سياق الغاز، تُعد اليابان حالياً أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في العالم، وإذا خفضت استخدام الوقود «شديد البرودة» إلى 20% من توليد الطاقة بحلول عام 2030 مقارنة ب 37% في العام الماضي، فهذا يعني أن الواردات السنوية يجب أن تنخفض أيضاً من 74.5 مليون طن في عام 2020 إلى حوالي 40.3 مليون طن بحلول عام 2030. وفي هذه الحالة سنعود مجدداً إلى تصور الحالة المزرية لأستراليا، والتي تنافس العالم بوصفها أكبر منتج للغاز الطبيعي المسال، ومرة أخرى أكبر مورد لليابان، على الرغم من أنها ليست مهيمنة تماماً كما هي الحال مع الفحم الحراري.
وللعلم، صدّرت أستراليا 29.1 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال إلى اليابان في عام 2020، أي حوالي 39% من حجم الواردات اليابانية، متفوقة على حصة ماليزيا البالغة نحو 14%.
لكن في المقابل، هناك احتمال بأن يشقّ الغاز الطبيعي المسال الذي لن يتم إرساله إلى اليابان مستقبلاً طريقه إلى مشترين آخرين في القارة الآسيوية، حيث تحرص العديد من الدول بما في ذلك الصين على توسيع استخدامها لهذه المادة الحيوية. ومع ذلك، من المرجح أن يؤدي فقدان حوالي 35 مليون طن من الطلب إلى توقف منتجي الغاز الطبيعي المسال الذين يتطلعون إلى مشاريع جديدة أو خطط توسع.
* كاتب في (رويترز)