الإمارات.. درس في الحياة

00:19 صباحا
قراءة 3 دقائق

عبدالله السويجي

ردّت الإمارات العربية المتحدة بطريقتها على المثرثرين مثيري الشغب في وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المأجورة، فمنحت الأطباء العاملين على أرضها الإقامة الذهبية، أو الإقامة طويلة الأمد، وقبلها منحت الطلبة المتفوقين وعائلاتهم، الإقامة المذكورة، كما منحتها للمبدعين من فنانين وشعراء وروائيين وكتاب. 

وليس خافياً على كل ذي بصيرة أن الإمارات وهي تقوم بهذه الخطوة، إنما تعترف بقيمة التفوق والتميّز والإبداع، وتحتفي بالطاقات الثقافية والعلمية والإنسانية، وتتمسك بالعقول المتوهجة لتكون نواة لعلماء ومفكرين. ولمن لا يعرف ماذا تعني الإقامة الذهبية إدارياً، فإنها تعني أن صاحبها يصبح كفيلاً لنفسه وأسرته، وتصبح أرض الإمارات بطولها وعرضها ساحة عمله وتخصصه، فإن شاء افتتح مشروعه العلمي الخاص، وإن شاء أنشأ مؤسسته الثقافية الخاصة، يقوم بذلك بكل حرية في العمل والإقامة، على الرغم من أن مسألة الكفالة في الإمارات أصبحت منذ زمن، مرنة، إلى أبعد الحدود، وحتى حين كانت مقيدة بشروط، فإنها كانت تُمارس بإنسانية عالية، ولم تكن الدولة تسمح تحت أي ظرف كان بحرمان العامل أو الموظف من حقوقه، فالإمارات كانت ولا تزال وستبقى حريصة على حقوق الإنسان المادية والمعنوية.

الإمارات بهذا الإجراء الجديد، ولا نريد تسميته منحة أو مكرمة، تعمل على المحافظة على العقول المميزة والحؤول دون هجرتها، إنها تخفّض من هجرة العقول التي سادت العالم العربي لسنوات طويلة، عن طريق توفير الإمكانيات ذات الصلة بالحقول المعرفية كافة، وتوفير البيئة العلمية والإبداعية للطاقات والاختصاصيين، ليرفدوا الساحة المحلية والعالمية ببحوثهم وإنجازاتهم الإنسانية، وهو إجراء يمكن وصفه بالريادة، من دون المقارنة مع دول أخرى.

هكذا تتحول الاستراتيجيات المحلية والقومية إلى برامج ومبادرات ذات قيمة مستدامة، وهكذا تتم ترجمة الفلسفات ذات الصلة بالتنمية بعيدة المدى، وهكذا تتم تهيئة الخطاب المستقبلي الذي يشيِّد وطناً راقياً للأجيال الصاعدة، وللشباب، ولن نقول من الجنسين؛ لأن هذه الرؤية باتت تحصيل حاصل. فمنذ أن حققت الإمارات المساواة بين الجنسين في العمل والترقية والأجر (وهذا حدث منذ سنوات طويلة) بات الشرح والتخصيص غير مطلوبين أبداً، لأن التنمية لا تُفرِّق بين ذكر وأنثى، وبين موظف وموظفة، لأن الوطن لا يُفرِّق.

كنا نتحدث عن رد الإمارات على الغوغائيين، الذين يحاولون جرّنا إلى حروب جانبية لا تجدي نفعاً، وإلى مناقشة أفكار صغيرة لا تستحق النقاش؛ لأن الإمارات اعتادت خوض الحروب الكبيرة على صعيد التنمية أو على صعيد دعم الشرعية في كل مكان، كما اعتادت مناقشة الأفكار الابتكارية وليست الاستهلاكية.. تلك الأفكار الإبداعية التي تنقل الحياة إلى الصيغة الأكثر رفاهية.

نحن لم نتحدث عن غزو الفضاء بعد، ولا عن متوسط دخل الفرد، ولا نسبة الأمية، ولا شبكة الخدمات الطبية والصحية، ولا المؤسسات التعليمية، ولا الحكومة الإلكترونية، لم نتحدث عن الذكاء الاصطناعي ولا المجتمع المعرفي، ولم نذكر معايير السعادة التي لا يعرفها كثيرون، ولعلمهم تتعلق بتطبيق دولة القانون والعلاقة بين الحاكم والشعب، نحن لم نتحدث عن كل ما سبق لأنه أُنجز؛ بمعنى تم إنجاز المهمة والعمل جارٍ على مهام أخرى.

الإمارات لو تحدثت عن العطاء ستملأ العالم خيراً، ولو تحدثت عن الأيادي البيضاء ستملأ العالم إنسانية، ولو تحدثت عن إنجازاتها، بداية من بناء دولة متطورة وصولاً إلى الفضاء، ستملأ المجلدات بالشواهد، لكن الإمارات اختارت التطبيق بعد التنظير، والفعل بعد القول، والمقولات ستكون الثمرة الفكرية واللغوية الأروع، وللإمارات في هذا المجال باع طويل.

فيا أيها السادة المتطفّلون المتحرِّشون والمثرثرون، تفضلوا بزيارة الإمارات لتكتشفوا أنها باتت نموذجاً للحياة الكريمة، وباتت المكان الذي يطمح أن يعيش فيه الإنسان بحرية، وحين تغادرون  ولن تغادروا  ستحملون في حقائبكم دروساً في النجاح.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"