الإمارات وخيبة الغنوشي

00:24 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

لم يجد زعيم «النهضة الإخوانية» ورئيس البرلمان المجمّد راشد الغنوشي مبرراً لخيبته المدوية في تونس غير الزج باسم الإمارات في الأحداث التي أطاحته وحزبه المتطرف، محاولاً بذلك أن يجد ذريعة يصدقها، لتهوّن عليه سقوط منظومته الفاسدة في ثورة شبابية خاطفة بمختلف المدن يوم 25 يوليو/ تموز الماضي، انتهت بالقرارات الرئاسية التي باغتت الغنوشي نفسه، وألقت به خارج البرلمان.

تطاول هذا الرجل على دولة الإمارات غير مستغرب من «عبقري» الفشل. ومثلما هو لم يعرف تونس، فإنه لا يعرف الإمارات أيضاً، ويجحد تميزها وريادتها على الصعد كافة، ويجهل رقيها وتطورها وتسامحها، ونزاهة قيادتها. فالإمارات هي بلد النجاحات، وليس التدخل في شؤون الآخرين، كما يزعم الغنوشي ومن لف لفه من «إخوان» وإرهابيين. والتاريخ يشهد أن الإمارات كانت دائماً سنداً لتونس، والعلاقات بين شعبيهما عريقة يسودها، على الدوام، الاحترام المتبادل والأخوة الصادقة، والادعاءات التي يروج لها الإعلام «الإخواني» المأجور في تونس وخارجها لن يصدقها أحد، لأن الإمارات أسمى من أن تتدخل في شؤون بلد بغير الحسنى.

الانتفاضة الشبابية في يوم الجمهورية، تونسية أصيلة، ولم يحركها أحد من الخارج. ولو كان الغنوشي يعرف موقعه حقاً لما استخف بإرادة الشارع التي فرضت التغيير، ودعت إلى إنقاذ البلاد على عجل، ولما سارع إلى اتهام الرئيس قيس سعيّد بتدبير «انقلاب»، ولما تهور بالتهديد بالفوضى والإرهاب، وهو يعلم أنه أعجز من أن يجمع حوله أنصاراً حتى داخل حزبه، بعدما بدأت بعض القيادات تنفض عنه، وتتركه وحيداً يصارع أوهاماً لن تتحقق. 

وكل المؤشرات تؤكد أن فرص بقائه في الواجهة أصبحت معدومة، وأن ساعة محاسبته أزفت بعد أن تنكشف الحقائق المغيبة، لتفضح مخططاته التآمرية على الشعب التونسي، وشعوب عربية أخرى بعد أن يتم فتح ملفات علاقاته بالتنظيم العالمي ل«الإخوان» الإرهابي، ومحاولاته اختراق مؤسسات الدولة، بما فيها الجيش والأمن، وتسفير آلاف الشباب التونسيين إلى بؤر القتال في سوريا وليبيا والعراق في السنوات الأولى لما يُسمى ب«الربيع العربي».

عشر سنوات مضت، ولم يعرف الغنوشي الشعب التونسي، بدليل أنه في أحيان كثيرة كان يتحدث عن «شعب النهضة» في إشارة إلى قاعدة حزبه، وبعض المتطرفين المحسوبين عليه مثل ما يُسمى ب«ائتلاف الكرامة»، ولكن ذلك «الشعب» لم يجد منه أحداً حين حاول فجر السادس والعشرين من يوليو/ تموز الماضي تجييش أنصاره لمعاضدته أمام باب البرلمان الموصد، ولكنه بقي وحيداً إلا من بعض المقربين منه، ولا شك أن تلك الصورة لن تُمحى من الذاكرة التونسية، لأنها توثق لحظة تاريخية فاصلة بين زمنين، أكدت أن عهد «النهضة» ومحاولات أخونة تونس قد ولت بلا رجعة. وعلى الغنوشي أن يعترف بأن نهايته السياسية كانت من سوء تقديره، ومن استخفافه بالشعب التونسي الذي تحمله طويلاً، وأسقطه في ساعات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"