تــداعيـــات «كورونا» التعليمية

00:23 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

يصعب تصور حجم الكارثة التي ستلحق بالبشرية في حال استمرار حرمان ملايين الأطفال وطلبة المدارس والجامعات من التعليم، بسبب الواقع الجديد الذي فرضته جائحة «كورونا»، في ظل وجود عدد كبير من الدول غير القادرة على توفير الشروط والإدارة اللازمة للعملية التعليمية، وعدم قدرة الأطفال والطلبة ذوي الدخل المنخفض على الحصول على أدوات التعليم عن بعد.

ليس من باب الترف أن تطلق منظمات تابعة للأمم المتحدة تحذيرات في هذا المجال، ومنها منظمتا ال«يونيسيف» وال«يونيسكو» اللتان استشعرتا حجم الكارثة التي ستحل بملايين الأطفال والطلبة بسبب إغلاق المؤسسات التعليمية، والتداعيات التي ستطال مستقبل جيل كامل وأهاليهم بطبيعة الحال. 

هاتان المنظمتان تشيران، في آخر تقارير المنظمات التابعة للأمم المتحدة، إلى أن إغلاق المؤسسات التعليمية شمل 156 مليون تلميذ في 19 دولة بسبب انتشار «كورونا»، منذ أكثر من ثمانية عشر شهراً، وشددتا على أن هذا الإغلاق لا يمكن أن يستمر وإلا فإن البشرية بصدد «كارثة بحق جيل كامل». وتؤكد المنظمتان أنه يجب على الدول أن تأخذ في الاعتبار أن المدارس هي آخر ما يجب أن يتم إغلاقه، وأول ما يجب أن يعاد فتحه، وترى أنه لا يمكن الانتظار حتى انتهاء الوباء أو حتى تلقيح جميع التلاميذ والعاملين، خاصّة أن المدارس هي «ليست من بين الأماكن الرئيسية المسؤولة عن العدوى».

بهذا المعنى، نحن أمام كارثة عالمية، في ظل أكبر عملية انقطاع للتعليم في التاريخ، وفق الأمم المتحدة، بسبب تداعيات هذا الانقطاع على المجتمعات البشرية ومستقبلها، وانعكاس ذلك على مختلف القطاعات الاقتصادية والتنموية، فما الذي ينتظره العالم من المجتمعات الفقيرة أصلاً، سوى إنتاج المزيد من الفقر، ووأد كل إمكانيات التطور واللحاق بركب الحضارة، والغرق في مستنقع الجهل والتخلف والعيش تحت رحمة المساعدات الخارجية؟. 

والحقيقة أنه لا يمكن حصر الأضرار الناجمة عن انقطاع التعليم في ظل جائحة «كورونا»، إذا لم يتم إعادة فتح المدارس والمؤسسات التعليمية في كل الدول، مع مراعاة الشروط الصحية الضرورية، وفي ظل إدارة تعليمية صارمة تلتزم الإجراءات المتبعة لإنجاح عملية التعليم والإبقاء على آمال وأحلام الأجيال القادمة في حياة أفضل.

 ومن ناحية أخرى، ترى الأمم المتحدة، أنه «قد يكون من المستحيل منع العواقب الحتمية التي سيواجهها الأطفال والشباب الذين لم يتمكنوا من الذهاب إلى المدرسة». وبالتالي هناك إصرار أممي على دعوة الحكومات وصانعي القرار السياسي لإعطاء الأولوية لإعادة فتح المدارس بشكل آمن في جميع الدول التي لا تزال تغلق هذه المؤسسات بشكل جزئي أو كلي.

 وليس عبثاً أن تخلص المنظمتان الدوليتان، في تقريريهما إلى أن «إغلاق المدارس يرهن مستقبلنا حتماً لمكاسب حالية نخاطر من أجلها رغم عدم وضوح جدواها بشكل تامّ. يجب علينا اختيار أولويّاتنا بشكل أفضل. نستطيع أن نعيد فتح المدارس بشكل آمن، ويجب علينا أن نفعل ذلك!»، وهذا ما يجب أن تستجيب له كل الدول والشرائح الاجتماعية؛ لضمان مستقبلها ومستقبل أبنائها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"