عادي

تعرف إلى أشهر جسر في الأدب

15:16 مساء
قراءة دقيقتين
1

يسرد الروائي الصربي إيفو أندريتش (1892- 1975) الفائز بجائزة نوبل للآداب (1961) في روايته اللافتة «جسر على نهر درينا» ملحمة جسر شيده الوزير العثماني الأكبر محمد علي باشا على نهر درينا في بلدة فيشيغراد البوسنية في عام عام 1517.
عاش الجسر حتى عام 1914، و دُمر في بداية الحرب العالمية الأولى، ووظفه أندريتش أدبيا ليناقش مختلف الثنائيات: «الشرق –الغرب، الإسلام- المسيحية، الدولة العثمانية-أوروبا، الضفة-الضفة الأخرى، البقاء-الرحيل». الرواية ملحمة سردية، لا يوجد فيها بطل أوحد، أو شخصيات تنمو، أو صراع متصل بين بشر، أو قصص مطولة عن عائلات.. كل البشر في مؤلف أندريتش عابرون، والجسر هو الباقي الوحيد، شاهداً على المحبين والمنتحرين، الثوار والمتمردين، الكلاسيكيين والحداثيين، البوسنيين والصربيين والكرواتيين و«الأغراب»، السادة والعبيد... إلخ، ومن خلال كل هذه الوجوه لا يمكننا أن نلمح جسراً خالداً وحسب، ولكننا نشعر أننا أمام إنسان تنتابه مختلف المشاعر والأحاسيس، يكتب أندريتش عن الجسر وكأنه يحاوره ويسائله، يغضب منه أحياناً، ويقسو عليه في أحيان أخرى، تصيبه الحوادث التي تمر عليه بالأسى، ولكنه في جميع الحالات يحب الجسر، يتحدث أندريتش بلسان سلالة نادرة، ينتمي إليها، إلى قلة من البشر تؤنسن الأشياء من حولها، وتقيم معها علاقة استثنائية.
يتحرك أندريتش بخفة أثيرية لا يحتملها القارئ حول الجسر أو فوقه أو بجواره أو بداخله، يستطرد في مراحل بنائه، والأساطير التي دارت حولها، يقرأ لنا الكلمات التي خطها البشر عليه، ويصطحبنا لنطل على شخصيات، صحيح أنها عابرة، ولكنها لا تنسى: فاطمة الجميلة التي تنتحر خلال حفل زفافها كي لا تتزوج بمن تحبه، الثائر الصربي راديسلاف الذي رأى الجسر إنجازاً للأتراك «الكفار» وحاول تدميره فصُلب فوقه، الفتى اليهودي الذي عثر على دينار ذهبي في أحد شقوق الجسر وقامر به يوم السبت فلُعن، الضابط النمساوي الذي انتحر من فوق الجسر لأن إحدى الفتيات الصغيرات غررت به وخدعته لكي تُهرب عشيقها المتمرد في غفلة عنه وهو يحرس الجسر، فتحة الجسر المظلمة في عموده المركزي التي ظل الجميع لثلاثة قرون يعتقدون أن بداخلها زنجياً عربياً شريراً سيقتل أول من يدخلها وعندما دخل النمساويون البوسنة لم يجدوا فيها إلا مخلفات الطيور، علي خجا الذي سمّره الأتراك إلى الجسر من أذنه قبل أن يغادروا البلدة.. عشرات الصور الخلابة لبشر عاشوا يومياً حول الجسر.

الصورة
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"