عادي

الطريق نحو الهاوية

23:16 مساء
قراءة 3 دقائق

كتب: أمير السني

انزلق «ع.أ» إلى مدارك الهلاك، وانضم إلى فريق المدمنين، وتحول من شخص محبوب وسط الجميع، إلى منزوٍ على نفسه لا يفارق غرفته، بعد أن صار مراقباً من الأسرة والشرطة، ويداوم على الذهاب إلى مركز العلاج والإدمان، أملاً بأن يعود إلى رشده ويصبح شاباً مسؤولاً يتجه نحو الطريق الصحيح، ويكمل طموحاته مثل باقي الشباب الذين يرسمون أحلامهم في إكمال الدراسة الجامعية، ويتزوجون فتيات أحلامهم ويبنون بيت الزوجية، ويمتلكون السيارة الفارهة، والوظيفة ذات المرتب المغري، أو تحقيق مشروع تجاري يدرّ عليهم الأموال الكثيرة التي تحقق لهم كل ما يريدون، وتكوين أسرة وأبناء وبنات يرفعون رؤوسهم ويحملون أسماءهم.

وخلال الانعزال عاش ذلك الشاب نزاعاً كبيراً بين طريق الخير وتحقيق الأحلام، فهو طريق غير مفروش بالورود، وإنما يحتاج إلى همة عالية وعزيمة كبيرة، وعقل واع يدرك ما حوله ويتخذ الأمور بحكمة وتأنّ في اتخاذ القرار، ويخطط لمستقبله بخطوات مدروسة يكافح بقوة، ليحقق لذاته شخصية مستقلة،لا تعتمد على مصروف الأسرة وعطف الأب ودلع الأم، وإنما تحتاج إلى شخصية خشنة تستطيع أن تكسر ما يقف أمامها من عوائق بقوة الإرادة، أما الطريق الآخر فهو اللجوء إلى المخدرات من أجل الهروب من الواقع، وعدم تحمل المسؤولية، وتخدير العقل حتى لا يفكر كثيراً، ولا يرهق نفسه من واجبات تنتظره ودراسة جامعية، تحتاج إلى تركيز وحفظ ومراجعة، ووقت طويل أمام الكتب والبحوث.

ولكن التفكير الخطأ، لم يترك له خياراً ليختار طريق الخير، فنازعته نفسه واتجه إلى مواصلة الإدمان واتصل بصديقه وأخبره برغبته في حيازة إحدى المواد المخدرة التي تتعاطى عن طريق الحقن، واتفقا مع أحد الوسطاء الذين يوزعون السم القاتل على الشباب، مقابل المال دون مراعاة لما سيصيبهم نتيجة تلك المواد المسمومة، وحدد له الوسيط موعداً في المساء، ليلتقوا به في أحد الشوارع الهادئة والبعيدة عن أعين دوريات الشرطة. وحينما توقفت سيارتهم أطلقت إشارات متقطعة، وبعدها انتظرا حضور الوسيط الذي جاء من شارع فرعي يمشى حذراً وينظر أمامه وخلفه إلى أن وصل إلى السيارة، ففتح له «ع.أ» النافذة وسلمه المادة المخدرة.

وانطلقت السيارة من مكانها سريعاً وذهبا معاً إلى أحد الفنادق واستأجرا غرفة وصعدا إليها، وقبل أن تبدأ «حفلة» التعاطي، أخبره صديقه بأن لديه فتاة تعرف إليها منذ مدة، وصارا يتعاطيان المخدرات، ويمكن أن يتصل بها وتحضر معها صديقتها، ليقضي الجميع ليلة ممتعة. وانتاب الخوف «ع.أ» من تلك الفكرة فهو لم يلتق فتاة من قبل، ولديه الكثير من الصداقات من الذكور، فقد نشأ في أسرة محافظة تحرص كثيراً على فصل الذكور عن الإناث. وبرغم انحرافه في المخدرات، فإنه لم يحدث أن تعرف إلى فتيات من قبل، وطمأنه صديقه بأن الأمر في غاية السهولة، وعليه أن يخرج من عزلة الخوف من معرفة الفتيات. ووافق على الفكرة واتصل صديقه بالفتاة، التي حضرت مع صديقتها وجلبت معها مواد مخدرة، وهي جرعات تستنشقها عن طريق التدخين، وبدأت الحفلة وابتهج الجميع، دون أن يدركوا أن الشرطة تراقبهم.. فقد رصدت تحركات «ع.أ» بعد أن التقطت إحدى الدوريات لوحة السيارة، وبالتحري السريع تبين أن صاحب السيارة من المدمنين، ورصدت دخوله هو وصديقه إلى الفندق، وبعد دخول الفتاتين إلى الغرفة دهمت المكان وقبضت على المتهمين الأربعة، وبحوزتهم المواد المخدرة وأدوات التعاطي، وأحيلوا على المحكمة التي أمرت بحبسهم لمدة 5 سنوات، وإحالتهم لمركز الأمل لعلاج الإدمان.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"