عادي

دماء في الغرفة

23:08 مساء
قراءة 3 دقائق

كتب: محمد ياسين

ساد الهدوء قاعة المحكمة، وسط حضور أعضاء الهيئة القضائية، وعدد من المحامين، فضلاً عن متهمين من جنسيات مختلفة، فيما يقف وراء قفص حديدي، عدد من المتهمين بينهم آسيوي، ينتظر قرار القاضي بالحكم عليه في جريمة قتله لابن خاله منذ عامين. كان الرجل يقلب نظره في سقف القاعة، لعله يستذكر جريمته بحق قريبه الذي كان يسكن معه في الغرفة، وهو الرجل الذي فتح له بيته، بعد استقدامه من موطنه الأصلي. كما ساعده في الحصول على عمل سائق مركبة أجرة.

بدأت أحداث الجريمة في صيف العام قبل الماضي، وبعد يوم عمل، وصل المجني عليه إلى غرفته التي يشاركه فيها قريبه، ليجده كعادته غير مبال بنظافة الغرفة، فبدأ بتعنيفه وتوبيخه على إهماله، فلم ينتظر الجاني كثيراً هذه المرة، وذهب مسرعاً إلى مطبخ الشقة، ليحضر سكيناً ويطعن بها قريبه طعنة نافذة استقرت في صدره تلتها طعنات عدة، سقط على إثرها يتخبّط في دمه ويصرخ من شدة الألم.

هرع أحد سكان الشقة من غرفة مجاورة مستيقظاً من نومه، ليجد القاتل ممسكاً بالسكين ويواصل طعن قريبه، فيحاول الإمساك به، وقد تمكن بعد محاولات عدة من إبعاد المجني عليه، والاستنجاد بآخر، ليطلب الإسعاف لنقل المصاب الذي ما لبث أن فارق الحياة خلال لحظات قليلة من الجريمة.

حاول الرجل الذي يسكن في الشقة والشاهد في القضية تهدئة القاتل والتعرف إلى سبب إقدامه على ذلك الفعل، فلا يجيب الجاني بغير كلمات «حصل» و«العقل ما كان يعمل».

وصلت دورية الشرطة والإسعاف، لتجد القاتل مصاباً في رقبته إصابة خفيفة، وعلى الجانب الآخر داخل الغرفة المجني عليه وقد فارق الحياة، فقبضت على القاتل.

وفي التحقيقات أقرّ الجاني بجريمته الشنعاء، متذرعاً بأنه لم يكن في وعيه، وأن ما قام به هو رد فعل على ما كان ابن خاله يفعله يومياً من توبيخ وإساءة له، بسبب عدم تنظيف غرفة نومهما.

وقال الشاهد في القضية أمام القاضي إنه كان دائماً يسمع تلاسناً بين الجاني والمجني عليه اللذين كانا يسكنان معه منذ مدة بسبب تنظيف غرفة نومهما، وعلى الرغم من محاولة جيرانهما وأصدقائهما الفصل بينهما، فإن خلافاتهما لم تكن تتوقف على الرغم من صلة قرابتهما.

وفي تحقيقات الشرطة والنيابة أقرّ الجاني بقتل ابن خاله عمداً بسبب اعتياد الأخير معاملته بطريقة سيئة، وفي يوم الواقعة أمره المغدور بتنظيف الغرفة، حيث يسكنان وصرخ فيه، فأحضر سكيناً وطعنه في صدره وأماكن متفرقة من جسده، رداً على إهاناته، إلا أن الجاني عدل اعترافه أمام القضاة، وحاول الادّعاء بأنه يعاني مرضاً نفسياً، وما حدث كان بسبب مرضه، وأنه نادم على ما اقترفه.

حولت الهيئة القضائية الجاني إلى الجهة المختصة، للكشف عن إصابته بمرض نفسي أو عصبي وبيّن التقرير أنه غير مصاب، فأدين بالقتل، وقضت محكمة أول درجة بسجنه 10 سنوات وإبعاده عن الدولة. واستأنف الحكم، حيث قضت محكمة الاستئناف بالمؤبد وأيدت إبعاده، وقضت محكمة التمييز بإحالة الدعوى إلى محكمة أول درجة، لإعادة المحاكمة، أمام دائرة مشكلة من قضاة آخرين. حيث حكم عليه بالسجن المؤبد والإبعاد عن الدولة، بعد قضاء العقوبة.. وخرج المدان من قاعة المحكمة إلى مكانه خلف القضبان، ليقضي ما تبقى له من سنوات عمره سجيناً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"