أعد إليّ كتبي

00:55 صباحا
قراءة دقيقتين

تنقسم إهداءات الكتب إلى نوعين، فهناك الإهداء الذي يختاره المؤلف ليضعه على أولى صفحات الكتاب المطبوع، وكثيراً ما يكون الإهداء للوالدين أو للزوجة والأولاد، وأحياناً لصديق، أو عدة أصدقاء، لهم مكانة خاصة في نفس الكاتب، وهناك، ثانياً، الإهداء الذي يكتب بخط اليد على طرف من صفحة الكتاب الأولى موجهاً إلى شخص بعينه. وطبيعي أنه كلما زادت منزلة من أهديت النسخة إليه، أو قربه النفسي أو الروحي من الكاتب، زاد إظهار ما في نفسه من مشاعر تجاهه، بتخيّر الكلمات التي يجد فيها الحمولة الكافية لقول ما يريد أن يقوله للشخص المعني.
وكثيراً ما جرى تناول النوع الأول من الإهداءات، التي تكاد أن تكون بمثابة جزء من بنية الكتاب، لأن الإهداء لا يوجه فقط لمن أهدي إليهم، وإنما هو إشهار لعامة القراء بمحتوى الإهداء وغايته، وفي الكثير من الحالات قد لا يكون الإهداء موجهاً إلى شخص بعينه أو أشخاص بعينهم، وإنما إلى جماعة، كالشباب أو أبناء وبنات الجيل الجديد أو القادم مثلاً، أو حتى إلى فكرة، يحسب المؤلف أن كتابه يناولها أو يرمي إلى إشاعتها.
لم يعد هناك من معرض محلي أو دولي للكتاب يخلو من حفلات تدشين الكتب الجديدة، التي باتت تعرف ب «حفلات التوقيع»؛ حيث يقوم المؤلف بكتابة إهداء على نسخ كتبه لمن اقتنوها ممهورة بتوقيعه. وفي إحدى مرات جردي لمحتويات مكتبتي من كتب، شغفني قراءة الإهداءات التي كتبها أصدقاء أو معارف أهدوا لي نسخاً من كتبهم، فوجدت بينها الكثير مما هو جميل ومعبر، حتى أنها يمكن أن تكون مادة لمقال طويل.
على صلة بالحديث يكثر أن نقرأ في ما يسمى ب«الكتب المستعملة» سواء تلك التي تباع على قارعة الطريق أو في أكشاك مهتمة بها، أو في معارض الكتب المستعملة التي تنظمها مؤسسات ثقافية أهلية وغير أهلية، إهداءات كتبت إلى من تبرعوا بهذه الكتب، فهم إذ يأخذونها إلى أماكن بيعها، ينسون أن يقطعوا الصفحة التي دوّن عليها الإهداء، وربما يتعمدون ألاّ يفعلوا ذلك.
ما أتينا عليه أعلاه أوحت لنا به تعليقات ساخرة قرأتها على بعض مواقع التواصل الاجتماعي، على تصريح لنائب تونسي «مجمّد» عن ائتلاف الكرامة يطالب فيها الرئيس التونسي قيس سعيّد بإعادة كتب وضعها النائب المشار إليه، واسمه عبد اللطيف العلوي، سبق له أن أهداها للرئيس.
ما حسبه النائب أمراً جاداً، تحوّل في أعين الكثيرين إلى مادة للسخرية، حتى أن عبارة «أعد إليّ كتبي» التي بدأ بها النائب مخاطبته للرئيس غدت وسماً للتندر.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"