التقنية مطلوبة.. ولكن

00:56 صباحا
قراءة دقيقتين
صباح الخير

كلّ يوم تطالعنا التقنيات بجديد، وتفاجئنا بما نحتاج إلى وقت كي نتفهّمه، ومعظمه يتعلّق بحياتنا وممارساتنا اليومية، في المأكل والمشرب والملبس، والخروج وقيادة السيارة، والتسوّق.. وعبر الهواتف الذكية، والأجهزة اللوحية، والحواسيب الثابتة والمحمولة.
للأمر صورتان متعاكستان، الأولى مفيدة وسهلة وسريعة لإنجاز أشياء كانت تحتاج إلى وقت طويل، والتخلّص من كميات كبيرة من الورق. أما الثانية فعلى العكس، فقد استسهل مستخدموها كلّ شيء، بدءاً من تلميذ المدرسة في مراحل سنواته الأولى فيها، ثم التالية، مروراً بالمعلم وأستاذ الجامعة، والطبيب والموظف والكاتب والصحفي، وانتهاء بسيدة المنزل. كل هؤلاء لا يكلّفون أنفسهم عناء البحث الفعلي في المراجع الأصلية، عمّا يحتاجون إليه، بل يلجأون بسهولة، إلى ما تقدمه الشبكات من موادّ قد يشوبها الكثير من الأخطاء، نتيجة عوامل كثيرة، فيلجأ هؤلاء إلى ما يسمّى «القصّ واللصق»، دون التمحيص والتأكد ممّا ورد في هذه المواقع أو الشبكات، وهي بالآلاف، وكثير منها ينبّه إلى أن ما ورد يحتاج إلى تدقيق، فتخرج إلينا «منتجات» سواء في البحوث أو أوراق العمل أو الدراسات أو المقالات، تفتقر إلى الدقة والموضوعية والعلم.
لسنا ضد استخدام التقنية لتسهيل الأعمال وتسريع إنجازها، لكن التعب وبذل الجهد في البحث والتقصّي والتدقيق، مطلوبان، حتى لا يفتقر ما يُقدّم إلى الصدقية.
الأمر الأكثر خطورة، هو أن هذه الشبكات والمواقع، والتقنية قد تؤخّر عملاً ما، أو تُربك متعاملاً لا يجيد استخدامها، فيتمنّى لو أن أيام «الموظف المباشر الحيّ» فوق كرسيّه يُنهي المعاملة، حتى لو أخذت وقتاً، فإنّها ستنجز، لأن خبرته ومهارته وتعوّده ستنجز المهمّة بأفضل صورة.
أحد المراكز التي تستقبل مئات المتعاملين يومياً، يستقبلك فيها موظّف أو موظّفة، يعطيانك بطاقة الانتظار بالرقم، وحين تُظهر لك الشاشة الرقم، فإنّ موظفاً يستقبلك، ويحيلك إلى «جهاز» لتنجز معاملتك بنفسك بإدخال الهوية فقط.. في الحالة الطبيعية وبوضوح كل الخطوات على شاشة الجهاز، يمكن إنجاز العملية في خمس دقائق، لكن إذا كان المعني ترتبط عمليته بأمور أخرى، فإنّ الأمر قد يأخذ نصف ساعة، ويصل صف المنتظرين أدوارهم خلفه، إلى أمتار طويلة، والسبب أنّ هذا المركز ليس فيه سوى جهاز واحد فقط، لجميع المتعاملين.
التقنية مهمّة ومطلوبة، كما قلنا، لأنّها سهّلت الأمور وسرّعتها، لكن يجب أن تمارس بحرفية وبُعد نظر.
في ظل الجائحة، نحن مضطرون إلى هذا الأمر، لكننا نتحدّث عموماً، فلنجعل وسائل التواصل جزءاً من منهج حياتنا، يبهجنا ويثقفنا، ويحثّنا على العطاء، وليست الحياة كلّها. 
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"