كوريا الشمالية المريبة

00:19 صباحا
قراءة دقيقتين

مفتاح شعيب

في دولة مغلقة تخضع لحكم الفرد مثل كوريا الشمالية، هناك أسئلة مثيرة عن سر الظهور والاحتجاب لزعيمها كيم جون أون وسط تكهنات حول تدهور صحته، أو تعرضه لمكروه ما، خصوصاً بعدما ظهر الشهر الماضي بندبة في مؤخرة رأسه، أثارت الجدل بأن الرجل ليس على ما يرام، على الرغم من عملية التعتيم الشامل عمّا يجري في عموم البلاد، ناهيك عمّا يدور في دوائر الحكم.

الاستخبارات الغربية، وعلى رأسها الأمريكية، تجد صعوبة كبيرة في التقاط المعطيات والحجج عن حالة الزعيم الكوري الشمالي، ولم تظفر بغير الفرضيات والتكهنات، وعندها يلجأ بعضها إلى الإسقاطات التاريخية، يتوقع أن يكون مصير كيم مماثلاً لنهايات أبيه وجده أو زعماء السوفييت الأوائل الذين كان اختفاء أغلبهم مفاجئاً من دون ترتيب معلن لمآلات السلطة من بعدهم. وفي كوريا الشمالية هناك دور متنامٍ لشقيقة كيم وتدعى كيم يو جونج التي تلعب أدوراً سياسية كبيرة يتعلق بعضها بالأمن القومي للبلاد. ورداً على المناورات العسكرية المتوقعة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، لم يصدر صوت رجالي من بيونج يانج للتعليق؛ بل جاء الموقف الرسمي على لسان هذه السيدة التي أكدت أن بلادها ستتعامل مع واشنطن وفقاً لمبدأ «القوة رداً على القوة» و«الخير مقابل الخير»، كما جددت المطالبة بضرورة انسحاب القوات الأمريكية من المنطقة، كي يسود السلام المنتظر.

لا شك أن الظهور الطاغي لكيم يو جونج له ما بعده إذا كانت صحة شقيقها الشاب والزعيم القوي متدهورة فعلاً، لكن هناك من يرجح أن توزيع السلطات متفق عليه بين الشقيقين في ضوء تقارير تشير إلى أن كيم جون أون يعيش عزلة بين رجاله المقربين بعد حملات بطش واسعة طالت رموزاً تاريخية في الدولة مثل إعدام زوج عمته جانجا سوك ثايك بطريقة مريبة عبر رميه بقذيفة مدفعية، وهو المصير الذي لقيه مسؤولون آخرون تفجيراً بالقذائف أو بين أنياب الحيوانات المفترسة. ومن الطبيعي أن تستدعي هذه الأجواء المرعبة ردود فعل من ذوي الضحايا أو حتى من الشركاء فيها كما يحدث عادة في الأنظمة الديكتاتورية.

ما يحدث في كوريا الشمالية ليس طبيعياً بالمرة، وعلى الأرجح هناك مفاجآت بصدد التشكل، يغذيها الوضع المتدهور على جميع الصعد الاقتصادية والصحية والاجتماعية، زادت عليه ضبابية المشهد السياسي، فغياب كيم أون جون وتنامي ظهور شقيقته أمران يثيران الريبة في بلد لا ينتمي تقريباً إلى عالم اليوم إلا من خلال وجوده على الخريطة. وهذا المعطى يدفع بمزيد من المخاوف والتكهنات، لأن مثل هذه الأنظمة يمكن أن تخوض أي مغامرات إذا شعرت بأن مستقبلها باتت مهدداً، وباتت هي في خطر، فقبل أيام حذرت الأمم المتحدة من أن كوريا الشمالية تواصل تطوير أسلحتها النووية، وطالبت بعض الأصوات الدولية بتقديم المساعدات الطارئة إلى هذا البلد حتى لا يرتكب حماقة للرد على فشله الداخلي، لأن العاجز سيلجأ إلى أخطر أسلحته إذا انسدت أمامه السبل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"