حقوق مستردة

00:14 صباحا
قراءة دقيقتين

كثيرة الدول التي تسقط فيها حقوق الأطفال دون أن يرف للمسؤولين فيها جفن، دول لا قيمة للإنسان فيها وبالكاد يحصل شعبها على لقمة عيش وكأنهم في زمننا هذا يعيشون في بدائية مهينة. وفي الدول التي تضع الإنسان على رأس قائمة اهتماماتها، يصير للحقوق المكتوبة على أوراق وينادى بها في المحاكم، صوت مسموع وحياة تنبض.
حين تعيد شرطة دبي الحقوق ل ١٠٣ أطفال تعرضوا لانتهاكات خلال العام الماضي، تشعر بقيمة الإنسان المستردة وكأنها تمسّك أنت شخصياً، وتشعر بأهمية أن تكون في بلد يضمن للطفل حقوقه، وهو الطرف الأضعف في العالم عموماً والأكثر عرضة للتهميش خلال صراعات الكبار سواء كانوا دولاً أم عائلات. 
ممن تعيد الشرطة الحقوق للأطفال؟ وأي عنف يتعرضون له؟ يؤلمك أن يكون هناك طفل يتعرض لعنف أياً كان شكله ومصدره، هو ضحية لا حول لها، ضحية أهل أو عائلة بالدرجة الأولى ومن غير المقبول أن يلقي أحد اللوم على الظروف مهما جار عليه الزمن. 
وفق شرطة دبي «هناك ٢٣ طفلاً تعرضوا لعنف جسدي، و٢٠ تعرضوا لسوء المعاملة، و١٧ لم تُستخرج لهم أوراق ثبوتية، و١٤ تعرضوا لإهمال أو حرمان في حقوقهم التعليمية، وتمت إعادتهم لمقاعد الدراسة، و٩ تعرضوا للإساءة، ومثلهم تعرضوا للإهمال في الحقوق الأسرية، و٨ أطفال تعرضوا للتشرد أو التخلي أو تركوا دون رقابة، و٣ تعرضوا للإهمال في الحقوق الصحية، وتصدر الآباء قائمة المتسببين في الأذى بواقع ٦٠ حالة تليهم الأمهات».
 سرد هذه الأرقام وتفاصيلها ضروري للتأكيد على أن البيت الذي من المفترض أن يكون الحضن الآمن والملاذ الأول للأطفال، يكون سبب عذابهم الأول إذا فقد الأبوان أو أحدهما الوعي والحكمة والإحساس بالمسؤولية أو بأصول التربية السليمة للأبناء وكيفية حماية الصغار من شر الكبار، فحتى الإهمال يصبح شراً حين يتعلق الأمر بطفل وكيفية تربيته ورعايته. 
كل عنف يولّد عنفاً، وكل طفل نشأ وتربى بعنف وعلى العنف سيعامل الآخرين بعنف وسيعامل أطفاله يوماً ما بنفس العنف الذي نشأ عليه. 
العنف لا يقتصر على الضرب والتعنيف البدني فقط، فالعنف في الكلام يهين النفس ويربّي الأحقاد ويشحذ النفوس ويشعل الغضب، وغياب التوازن في التصرفات والإهمال والأنانية وعدم منح الصغار حقهم في التعليم ونبذهم أو تجاهلهم أو التصرف معهم وكأنهم نكرة أو عبء خصوصاً أثناء الخلافات العائلية.. كل هذه الأشياء تنعكس سلباً على الأطفال ولا تصنع منهم أشخاصاً أسوياء يستطيعون تكوين مستقبل سليم وأسر سليمة؛ لكن هل يعي الأهل ذلك؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"