استعـدادات مـا قبـل قمة المنـــاخ فـــي نوفمبـــر

22:42 مساء
قراءة 3 دقائق

د. محمد الصياد *

تخوض الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، سباقاً محموماً لتقديم ما يثبت التزامها بأهداف اتفاق باريس للمناخ قبل انعقاد مؤتمر الأطراف السادس والعشرين، المصيري الذي سيعقد في جلاسكو خلال الفترة من 31 أكتوبر إلى 12 نوفمبر 2021. ويتميز هذا السباق بعنوانين رئيسيين هما، أولاً: تسبب هذا النشاط المحموم في إنتاج كومة من المبادرات والمقترحات، بما فيها ما يمكن تصنيفه ضمن «النفايات» التي ستشوش وتخنق أجندة المؤتمر. وثانياً: فإن من الواضح أن هذا التدافع لتقديم أوراق الاعتماد لدى سكرتارية الاتفاقية إثباتاً للالتزام بالأجندة العالمية – الإيجابية – تجاه قضية المناخ، سوف يقسم عالَم مؤتمر الأطراف إلى فريقين، فريق متقدم بأشواط طويلة في مجال الالتزام والمواكبة المناخية العالمية؛ وفريق ثان متأخر ومتردد ومتلكئ في الالتزام والمواكبة.

العبء الأكبر سيكون على الدولة التي نافست من أجل استضافة مؤتمر الأطراف القادم، وهي بريطانيا التي زاحمت إيطاليا على الاستضافة؛ على اعتبار أن هذا المؤتمر سيدشن بداية التنفيذ الحقيقي لاتفاق باريس حسب الرزنامة المناخية. ولذلك تفتش بريطانيا وألوك شارما وزير الدولة البريطاني الذي عينته لندن رئيساً لمؤتمر الأطراف ال 26، عن تقديم التزام «ثقيل» يبرر حصولها على امتياز استضافتها للمؤتمر. فقدم اقتراحاً يقضي ب«نقل الفحم إلى أضابير التاريخ»، لأن هذا لن يكلف بريطانيا الكثير، فالفحم لم يعد في عام 2020 يشكل سوى 1.8% فقط من إنتاجها من الكهرباء، على عكس ما هو حاصل بالنسبة لاقتصادات كبرى مثل الصين وروسيا والهند التي رفضت المقترح البريطاني في اجتماع مجموعة العشرين في نابولي. وقد ردت الهند على ذلك من خلال مجلس الطاقة والبيئة والمياه في دلهي الذي أكد أن 43 دولة متقدمة قد خفضت ما نسبته 3.7% فقط من عام 1990 إلى عام 2020.

وقبل أيام فقط، نشرت اليابان مسودة خطتها للطاقة تتوقع استمرار الاعتماد على الفحم في تلبية 19% من حاجتها من الكهرباء حتى عام 2030. كما أن إندونيسيا التي قدمت مؤخراً استراتيجيتها المناخية طويلة الأجل إلى سكرتارية الاتفاقية الإطارية للمناخ في الأمم المتحدة، سوف تواصل استخدام الفحم في توليد الطاقة حتى خمسينات القرن الحادي والعشرين. فيما تولِّد الصين أكثر من 60% من كهربائها من الفحم. ويوم الأربعاء 4 أغسطس 2021، أعطت وكالة التخطيط الصينية الضوء الأخضر لإعادة تشغيل 15 منجم فحم لمدة سنة واحدة، وسط تنامي الطلب على الكهرباء في البلاد. وكل هذا يعني أن أجواء ما قبل مؤتمر الأطراف في جلاسجو تبدو غير مشجعة للتوصل إلى توافقات متينة، خصوصاً فيما يتعلق بموضوع التمويل الذي يعد إحدى الأوراق الرابحة للدول الرأسمالية المتقدمة في هذه المفاوضات.

كان وزير الانتقال البيئي الإيطالي روبرتو سينجولاني قد أخبر الصحفيين في نابولي مساء الجمعة 23 يوليو 2021، في ختام اجتماع وزراء المناخ والطاقة في مجموعة العشرين، بأن غالبية الدول تؤيد التخلص التدريجي من الفحم، مع تحفظ بعض الدول الرئيسية مثل الصين وروسيا والهند وتركيا والسعودية، التي لا تستطيع موافقة الأوروبيين على الطريقة المتعجلة وغير الواقعية التي يريدون بها التخلص من الوقود الأحفوري من خلال وضع جدول زمني للتخلص من مخصصات الدعم التي تحظى بها مصادر الوقود الأحفوري، كما فعلت مجموعة السبع الكبرى التي قررت التخلص من هذا الدعم بحلول عام 2025؛ والذي قدر بعض المصادر إجماليه خلال الفترة من 2015-2019، في مجموعة العشرين، بحوالي 3.3 تريليون دولار

لذلك، فإن هذه المواضيع الحساسة التي قصدها الوزير الإيطالي حين ذكر بأن الوزراء اتفقوا في البيان الختامي على 58 فقرة من أصل 60 فقرة بشأنها، سوف تُرحّل إلى اجتماع قادة دول مجموعة العشرين في قمة روما التي ستعقد في 30 أكتوبر 2021. وسوف يتعين على وزراء المجموعة المبادرة لتقديم خطط مناخية وطنية محسنة (Improved Nationally Determined Contributions) قبل محادثات المناخ في COP26 في جلاسكو نوفمبر المقبل. وحتى الآن لم يقم عدد من الدول الأعضاء في مجموعة العشرين، مثل جنوب إفريقيا والصين والهند وتركيا والسعودية وكوريا الجنوبية، بتحديث أهدافها المناخية لعام 2030.

* كاتب بحريني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"