شمولية السلام

00:29 صباحا
قراءة 3 دقائق

عبدالله السويجي

فكرة السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين لا تزال تشغل حيّزاً لا بأس به من اهتمامات مراكز الدراسات ومقالات المفكرين لدى الطرفين، في الوقت الذي تسود فيه قناعة لدى المعنيين تقول إن فرص السلام تهاوت، وتحوّلت الاتفاقات إلى حبر على ورق، وإن الجانب الإسرائيلي يكتفي بما تحقق على الأرض، وإن جزءاً من الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية يشعر أيضاً بأنه نال بعض حقوقه التي تهيئ له الحياة ضمن مؤسساته المختلفة، وتشعره بالاستقلال، ويمارس كثيرون حياتهم، ولا سيّما في المدن، وكأنهم في وطن مستقل.

أحدث الدراسات قام بها العميد في احتياط الجيش الإسرائيلي أودي ديكل برعاية معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب. وركز فيها على أسباب فشل تحقيق حل الدولتين، وحمّل الطرف الفلسطيني الجزء الأكبر من الفشل، لأنه أصر على السيادة الكاملة على الدولة الفلسطينية، بينما حاول الطرف الإسرائيلي الاحتفاظ بالمستوطنات وهوامش من الحركة للجيش، وبأسباب أخرى تصب جميعها في «تفويت الفلسطينيين للفرصة التي سنحت قبل سنوات حين طالبوا بكل شيء نصت عليه اتفاقيات أوسلو، أي الانسحاب من أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية، وحل مشكلة المستوطنات»، ويرى الباحث أنه كان على الفلسطينيين القبول ب 97% من الحلول والاقتراحات، لكنهم قالوا «كل شيء أو لا شيء». وفي النهاية يرى الباحث أن حل الدولتين هو الأنسب لتحقيق السلام.

قد تبدو الدراسة منطقية وتحث على الإقدام على السلام، لكنها تعزف على وتر ال 3% التي كان على الفلسطينيين التسامح بها، وهي عدم إخلاء كافة المستوطنات، والسماح ببؤر أمنية للجيش الإسرائيلي. وتبقى الدراسة وجهة نظر إسرائيلية، علماً أن هناك أصواتاً لكتّاب وصحفيين دعت في السابق إلى الدولة الواحدة أو إلى الكونفيدرالية الإسرائيلية الفلسطينية؛ بحيث يتمتع مواطنوها بالحقوق كاملة، إلا أن أصواتاً أخرى أبدت خشيتها من التفوق الديموغرافي الفلسطيني على الإسرائيلي، علماً أن الجانبين يتمتعان بعدد سكان واحد تقريباً، إذا ما حسبنا سكان شمال فلسطين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية.

الحلول كثيرة والمبادرات بشأن العملية السلمية كثيرة أيضاً، لكنها لن ترى الضوء إذا واصل رعاة العملية السلمية النظر إلى المشكلة على أنها تخص طرفين، الفلسطيني والإسرائيلي، فالصراع أبعد منهما، ويشمل منطقة الشرق الأوسط بأكملها، ويحتاج إلى ترتيبات إقليمية حقيقية يتم الالتزام بها، وتخلص فيها النوايا، لكن هذه الرؤية أو المقاربة ترفضها بعض الجهات وترى أن السلام مع إسرائيل لن يتم إلا إذا حصل الفلسطينيون على حقوقهم، وتتجلى في بناء دولتهم المستقلة، وهكذا نكون قد عدنا إلى المربع الأول الذي يتحدث عن السيادة. وفي الواقع لا نستطيع انتقاد هذا التوجه، كما أننا لا نستطيع التوقف عنده عند الحديث عن سلام شامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

إنه لا يمكن تجزئة العملية السلمية، خاصة بعد تعقيدها ودخول أطراف وظفت القضية الفلسطينية لتحقيق مآربها، ودعمت جهات فلسطينية لتشكل أدوات ضغط سياسية أو عسكرية، إضافة إلى تعقيد الملفات الإقليمية مثل الملفات اليمنية واللبنانية والليبية وغيرها، ودخول أطراف غير عربية طامحة لتصبح شريكة في الحل.

وبناء على هذا المشهد المعقد، فإن على مجلس الأمن مسؤولية أكبر في تبني عملية السلام، كي لا يستمر الصراع لسنوات طويلة قادمة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"