الشاعرة الوارفة

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

عندها الكتابة اقتناص، ونشيد الحياة زهرة من دم، أما القصيدة فهي تصوف وبحر وجمل كاملة في انكسارها.
الاسم الأول الذي قدمت من خلاله تجربتها الأدبية- سارة حارب- كان إعداداً لقصائد تكتب نفسها، وبعد ذلك كان الصمت قبضاً على جمر الكلمات، وعلى الرغم من أن عصفور الحكاية تمرس على القفز بين مسارح للأدب مثل الأزمنة العربية وشؤون أدبية ومجلة شعر، فإن هناك لحناً ظل يمتد كنهر، دليلاً للقادمين من عصر القفز الافتراضي.
هي «الشاعرة الوارفة» كما وصفها إخوة المسير، الناقدة والباحثة الإماراتية الدكتورة أمينة ذيبان، الحاضرة مع كوكبة الثمانينات المؤسسة لوعي ثقافي مغاير. وهي صاحبة التجربة التي بدأت في الإمارات، من خلال تأسيس مسار أكاديمي في فلسفة الأدب والنقد في جامعة الإمارات، ومن ثم في جامعة لندن عاصمة الضباب. اختطفتها الصحافة والإعلام إلا قليلاً، فهي لم تنسحب من مشروعها الثقافي ذي العناوين البارزة مثل «خطاب المفارقة والسخرية في أعمال أميل حبيبي» و «التحول والحداثة في الصحراء: ملحمة القبيلة في مدن الملح»، إضافة إلى أبحاث ودراسات في مجال الرواية العربية والخطاب النسوي العربي الحديث والنقد الأكاديمي.
إن رحلة التجريب لاكتشاف رؤية فلسفية تنويرية، مسكونة بالورد أبدي الانهمار، وهي تنزل بالمعنى على قلب نساء البحر مطراً وانتظاراً. هكذا يشعر القارئ عندما تشده أغان ككهوف الأساطير؛ حيث تستريح بيوت المعنى في انتظار الطارق القادم. صاخبة هي القصيدة على الرغم من عقود ثلاثة من الانقطاع، ظن فيها المتابع للمشهد أن الصوت الذي أطلقته الشاعرة للريح لن يعود بالصدى، لكنه موروث شامخ من الشعر وليس محض كلام. عادت الدكتورة أمينة بن ذيبان، وقد كسبت الرهان على اللغة والحالة الإنسانية للشاعر وثقافته.
«ليس الشعر تخويلاً واختفاء وراء المعنى والضد، لكنه أطروحة حياة وسُلم لتطوير الأنا الميتة أو الذاكرة المنفصلة» هكذا تتحدث الأستاذة عن احتراف المعنى، وفن النظر من خلال الكلمة التي تُبعث بصوت الشاعر حية.
ما نبحث عنه معقود بأقلام أمثال «الأستاذة» وهو الشعر الذي يربي أرواحنا، ويوجهنا نحو الغيم، وعلى الرغم من أنه يعود كنسيم لا يلتقطه إلا من كشف عن الروح حجابها، فحق علينا أن نضخه في مناهجنا ومعارفنا وأصواتنا، لنعبر مع العابرين إلى الغد.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"