مدرسة الروابي للبنات

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

6 حلقات كافية، مضغوطة فيها القضايا، مرصوصة بشكل منطقي لا يسمح لأي ذرة ملل بالتسرب إلينا. لا تُرضي كل الأذواق وهو أمر طبيعي، لكنها تثير الجدل وتلفت الانتباه بشدة، وهو الأمر المطلوب والهدف الحقيقي.
«مدرسة الروابي للبنات» مسلسل يكسر قواعد المسلسلات العربية التي اعتدنا عليها، يستحق التوقف عنده للسبب الأول، والأهم أنه مصنوع للشباب وبصوت الشباب وأفكارهم وهواجسهم ومشاكلهم وطريقة عيشهم. صحيح هناك من يعترض لأن المدارس في الأردن ليست على هذا الشكل، وهناك من يتبرأ منه لأنه لا يمثل المجتمع الأردني، وإنما المسلسل يخرج من الإطار الضيق للمجتمع الداخلي ليشمل كل مشاكل البنات والطالبات في كل المجتمعات. المسلسل مصنوع في الأردن لكنه لم يصنع كي ينقل الواقع الداخلي، فهو يحكي عن التنمّر بكل أشكاله وقد وضعتها كلها تيما الشوملي المؤلفة والمخرجة، في إطار واحد دون أن تخل بالتسلسل المنطقي للأحداث أو تزحم النص بأفكار مشتتة ومكدسة.
استحق المسلسل صدارة قائمة الأكثر مشاهدة على منصة «نتفليكس» في أكثر من دولة عربية. ناجح هو في كسر رتابة المسلسلات، مصنوع بحرفية، من قصة إلى حوار وإخراج وتمثيل، بطولة فتيات جميلات بارعات في الأداء، أندريا طايع، ونور طاهر، ويارا مصطفى، وركين سعد، وجوانا عريضة وسلسبيلا، بحضور الفنانتين نادرة عمران وريم سعادة.
جرأة في تناول كواليس التنمر بين الطالبات تصل إلى حد القسوة في بعض المشاهد. المبالغة في جمع كل ذلك العنف والقهر في مدرسة واحدة وعمل واحد مقصودة، من أجل لفت الانتباه إلى كل هذه القضايا وما تعانيه بعض الفتيات من سوء فهم من قبل الأهل، وانعدام الحوار والصراحة والعنف أحياناً.
 جمعت الشوملي عدة نماذج لعائلات من مختلف المستويات الاجتماعية، وكل طالبة متنمرة أو ضحية، خلفها قصة وأسباب أوصلتها إلى ما هي عليه، كما تناولت أكثر من قضية تعانيها الفتيات مثل التحرش والاتهام الجاهز للفتاة بأنها السبب، والوقوع ضحية إغراء التعارف على «السوشيال ميديا» وفضائح الصور، والأزمات النفسية التي لا يتقبلها الناس حتى يومنا هذا ويسمونها «جنوناً»، والتسرب من المدارس..
ربما تكون النهاية صادمة، لكنها متوقعة، حيث تختتم المؤلفة المسلسل بمشهد صعب، والرسالة واضحة تدق ناقوس خطر أزمة ما هو خلف التنمر والعنف الذي يولّد عنفاً، وضرورة البحث عن الأسباب دائماً ومعالجتها بعمق وحكمة. كما تضع مديرة المدرسة نموذجاً للأشخاص السلبيين الذين يتسترون على الأخطاء، وما يهمهم فقط هو المظهر والشكل والسمعة، سواء كانت مديرة مدرسة أو مربية أو أماً.
نجح المسلسل في محاكاة الشباب وهمومهم وعالمهم، ونحتاج إلى المزيد من الأعمال الموجهة إليهم والتي لا تستخف بمشاعرهم ومشاكلهم، ونجح في الوصول إلى عدة دول، حيث تمت ترجمته إلى أكثر من 32 لغة؛ لأن «مدرسة الروابي» موجودة في كل بلاد العالم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"