لا للحمائية

00:55 صباحا
قراءة دقيقتين

الاقتصاد الحر، اقتصاد السوق، الحرية التجارية، المنافسة، كلها عبارات تؤشر إلى فاعلية أي اقتصاد وكفاءته، ونجاحاته، وجودته.
عكس ذلك يعني الاقتصاد الموجه، والاحتكار، والحمائية، والدعم المشوه، وغلاء الأسعار، والأرباح المصطنعة، واستنزاف المستهلك، وضياع الجودة.
اقتصاد الإمارات بني منذ زمن بعيد على مبادئ أساسية، عنوانها العريض هو الاقتصاد الحر، ولهذا نجح وتألق، وبات خلال عقود متواضعة ثاني أكبر الاقتصادات العربية، وأكثرها كفاءة ومرونة، ونموذجاً إقليمياً وعالمياً متميزاً.
لكن مع اشتداد المنافسة بات البعض يعتقد ويمارس أساليب تناقض «الجوهر»، ولا تعكس السياسة الاقتصادية العامة للحكومة التي حرصت منذ اليوم الأول على تحقيق شراكة فعّالة مع القطاع الخاص، لدعمه في بداية التأسيس، وتوفير أفضلية له على حساب المنتج المستورد، لتقويته وجعله قادراً على المنافسة.
وإذا كان التشجيع لا بد منه فهو في مواجهة المستورد، ولفترة محدودة، بهدف إنشاء قاعدة صناعية تكون قادرة على مواجهة القادم من الخارج الذي قد يكون حصل على دعم حكومته في بلد المنشأ، لا أن يكون في مواجهة المنتج المحلي نفسه، بمعنى: لا يفترض أن يُدعم منتج محلي في مواجهة منتج محلي، أو تُعطى أولوية له في مواجهة جاره داخل الإمارة نفسها أو في إمارة أخرى.
هذه الممارسة تحدث الآن في بعض قطاعات أسواقنا، والخوف أن تتوسع بشكل خطر؛ بحيث تكون هناك ردود أفعال أخرى لحماية منتجات أخرى، لمواجهة تلك «الحمائية»، فيتحول الأمر إلى ظاهرة، ستضر بالتأكيد الاقتصاد الكلي.
عندما تقرر رؤوس الأموال الاستثمار في قطاعات معينة، تبني جدواها الاقتصادية على أساس بيع منتجاتها في أسواق الإمارات ككل، لا في أجزاء منها، وإلا فإنها لن تطلق هذا المشروع أو أن حساباته ستكون خاسرة.
التسهيلات الحكومية للمشاريع الصناعية تقريباً متشابهة، لكن كُلفة التشغيل متفاوتة نسبياً، ما يتيح للمستثمر حرية اختيار المكان الذي يبدأ فيه مشروعه، وهو أمر يعزز مرونة اقتصاد الإمارات وفاعليته، وكفاءة المنتج المحلي.
أما تفضيل منتج محلي على آخر سواء كان محلياً أو أجنبياً بعيداً عن الجودة والسعر والخدمة، فلا يفيد المستهلك النهائي، ولا الصناعة ذاتها، ولا الاقتصاد الوطني، لأنه سيفقد هذا القطاع أو غيره استثمارات جديدة، وبالتأكيد سيضر بالاستثمارات القائمة، وسيحد من نمو البلاد التي لديها خطط استراتيجية واعدة، وهي تستعد لاستقبال الخمسين عاماً القادمة.
اقتصاد السوق ضمن كل خطط واستراتيجيات الإمارات أولوية، علينا المحافظة عليه، لنعزز تنافسيتنا، ونبقى في مقدمة دول العالم، أما الحمائية والاحتكار والأفضلية، فيجب أن تخرج من قاموس ممارسات البعض، فمصلحة اقتصاد الإمارات أولاً وأخيراً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"