بايدن على خطى نيكسون

00:38 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

تحول جو بايدن إلى مادة دسمة للانتقادات اللاذعة داخلياً وخارجياً بعد قرار سحب القوات الأمريكية من أفغانستان وما رافقه من فوضى في عمليات الإجلاء والمشاهد الصادمة في مطار كابول على مرأى من العالم أجمع، و«إهدائه» انتصاراً مفاجئاً لحركة «طالبان» يرجح أنه ما كان ليحدث بمثل هذه البساطة لو تصرفت الإدارة الأمريكية بصورة مغايرة.

ربما يكون بايدن، قد استند إلى القاعدة الشعبية المؤيدة للانسحاب قبل تنفيذ القرار، وقد يكون بايدن محقاً جزئياً في الحديث عن عدم جدوى استمرار الحرب إلى ما لا نهاية في بلد لا يريد أهله مقاتلة «طالبان»، حتى أن سلفه دونالد ترامب قال بصراحة: «إننا كنا نرشي الأفغان لمقاتلة «طالبان»»، لكن بايدن لم يكن محقاً في الحديث عن أن هدف الولايات المتحدة لم يكن بناء دولة ديمقراطية في أفغانستان وإنما كان محاربة التنظيمات المتشددة، وأن ما حدث كان سيحدث عاجلاً أو آجلاً، فهل معنى ذلك أنه تنازل عن منهجه القائم على الديمقراطية وحقوق الإنسان؟ وهل يبرر ذلك الطريقة والفوضى التي رافقت الانسحاب، والتي لم توفر انتصاراً سهلاً لحركة «طالبان» فحسب؛ بل قلبت معادلة الرأي العام الداخلي ضده، وقدمت لخصومه الأسباب الكافية لمطالبته بالاعتزال والتنحي، وجعلت شعبيته تتراجع سبع نقاط إضافية لتحوم حول 45 أو 46 في المئة.           

وبالمحصلة سلم بايدن، جميع الأسلحة التي كانت بحوزته إلى خصومه السياسيين، ما أدى إلى تقديم عدة مشاريع قرارات تطالب بعزله، بينما الرأي العام الأمريكي بدا مذهولاً من المشهد الصادم الذي تتناقله الفضائيات ووسائل الإعلام من مطار كابول، وهو قطعاً سيرفض هذا المشهد الذي ينتقص من هيبة الولايات المتحدة .     مشكلة بايدن، أنه المسؤول عن تنفيذ قرار الانسحاب من أفغانستان بكل تداعياته وسلبياته، والذي يخضع الآن للمقارنة بالقرار الذي اتخذه الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون بسحب القوات الأمريكية من فيتنام عام 1975، والواقع أن القرارين متشابهان إلى حد بعيد، فهل يسجل التاريخ هزيمة أمريكية جديدة على يد بايدن؟ الثابت حتى الآن، أن إدارة بايدن فشلت في أول اختبار جدي لها منذ تسلمها السلطة في يناير/كانون الثاني الماضي، وربما تدفع ثمن الفشل الأمريكي في أفغانستان على مدار العشرين عاماً الماضية. لكن الأسوأ هو أن يمثل الانسحاب من أفغانستان نقطة تحول في السياسة الخارجية الأمريكية قد تحدث هزة عنيفة على مستوى الإدارة بعد أن تعرضت لانتقادات واسعة من جانب الحلفاء والشركاء الغربيين قبل الخصوم، وقد تجد تعبيراتها في الداخل الأمريكي على شكل «انتفاضة» جمهورية تستخدم أسلحة الديمقراطيين ذاتها التي استخدمت في الإطاحة بترامب، وإن كان من المستبعد أن تؤدي إلى عزل بايدن ، إلا أنها بالتأكيد ستجد ترجمتها  خلال الانتخابات النصفية المقبلة في استعادة الجمهوريين السيطرة على مجلس الشيوخ وربما السيطرة على مجلس النواب، أو على الأقل، حصد المزيد من المقاعد فيه على حساب الديمقراطيين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"