علي درويش.. غيابك موجع

00:10 صباحا
قراءة دقيقتين

قافية الحزن موجعة، وفراق من لم تلده أمك من الإخوة الأصدقاء شديد الوطأة والألم، خصوصاً حينما يكون الفقيد قريباً من القلب والخاطر، يطيب بحضوره المكان، ويزدان بحسه الزمان، ابتسامته لا تفارقه، كأنه خلق من غبطة، يسبق الثناء عليه عند كل من يذكره، شديد الحرص على العطاء دون استثناء، أمين في القول والفعل، خصوصاً في ما يتعلق بالعلم والمعرفة والمعلومة التي دأب جل عمره على السعي خلفها ومن أجلها، حتى عُدّ مرجعاً في كل ما كتب حول هذا الوطن العزيز، والمحيط به من دول الخليج والجزيرة العربية؛ لذا كان أيقونة معارض الكتب والحاضر الدائم فيها يومياً، الغائص في أروقتها بهدوء وصبر وتأنٍ، وعيناً فاحصة، وقلباً متيقظاً لكل ما يمكن أن يحصل عليه من دور النشر ويتعلق بتاريخ المنطقة.
الأخ والصديق الوفي علي درويش أحمد عمران الحلامي الذي غادر دنيانا الفانية، أوجع القلب بفراقه وآلم الروح بغيابه، وخلق حسرة كبيرة بين كل من عرفه وعايشه وتعامل معه، سواء في الأرشيف الوطني، حيث كان يعمل مستشاراً، أو بين الكتاب والأدباء والباحثين والأصدقاء.
زرته كثيراً في موقع عمله فكان نعم المرشد والموجّه والصديق الصدوق، إلى حيث أجد مبتغاي من معلومات، فقد كان موسوعة متنقلة في كل ما نشر عن بلادنا الغالية، أو ما يتصل بتاريخها وتاريخ جيرانها من الدول، وفي المجالات كافة المرتبطة بها. كنا نتواعد في معارض الكتب، نبحث عن بعضنا بعضاً بحب ودأب، ثم نتجوّل لساعات وساعات.. أتعلم منه فن البحث عن المعلومة بين سطور الكتب ومتونها، وإن غبت كان صوته سباقاً إلى الاتصال والسؤال والاطمئنان.
على الرغم من علمه الواسع ومعرفته الكبيرة وحضوره البهي، فقد كان شديد التواضع، لا يبحث عن شهرة ولا عن مكانة وتلميع، يكتفي بالكنوز التي يحملها من معلومات، لا يضن بها على أحد، يكتفي بأن يكون مصدراً لكل باحث ومساعداً لكل دارس.
علي درويش كتاب الوطن المتنقل، وسيرة الحرف الصادق النبيل، وصاحب الابتسامة المشرقة البشوشة، سنفتقدك بشدة.. سنفتقد شغفك البهي وجلَدك المعرفي، وحضورك الإنساني الأثير الخلاق؛ سنفقد جزءاً عزيزاً من قلوبنا بغيابك، ويفتقدك كِتاب الوطن وأرشيفه.
أبا نواف مثلك لا يُنسى ولا تُغيّبه الأيام، يبقى في الوجدان، ما بقينا وما بقيت على الأرض حياة. رحمك الله أيها الصديق الجميل وغفر لك وأسكنك فسيح جناته.
علي درويش غيابك موجع.. موجع جداً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"