أفغانستان بعيون أثريّة

00:14 صباحا
قراءة دقيقتين

هل غادر علماء آثار الغرب من متردّم؟ هم السبّاقون إلى مآثر الشرق، والشرقيون ليسوا اللحّاقين. كل العالم في تهافت على أخبار مطار كابل وتراجيدياته الطالبانية الأمريكية، أمّا مجلة «لا روشيرش» (البحث) العلمية الفرنسية، فهي تغنّي على ليلى من طراز آخر. مقالها (27 أغسطس) جاء تحت عنوان من إحدى وعشرين كلمة في الفرنسية: «التهديدات الكبرى التي تثقل وطأتها الميراث الأفغاني، النهب وسوء الإدارة في المواقع الأثرية».
حرام حرمان القارئ الومضات النبراسية التي تخللت الحوار الذي أجرته المطبوعة مع فيليب ماركي، مدير البعثة الأثرية الفرنسية في أفغانستان. 
الدول المتقدمة، ومنها دول حلف شمال الأطلسي، تشتغل شغلها، ولا تهمل الثقافة. تقول العبارة الشعبية: «حوكي وحرايري». للتوضيح: إذا كانت أفغانستان فيها ما يقدّر بثلاثة تريليونات من الثروات، من بينها مناجم المعادن التي ستتوهج في اقتصادات المستقبل، كالليثيوم، فإن في ذلك البلد ذي المكانة الجيوسياسية الجيوستراتيجية، خمسة آلاف موقع أثري يوناني، بوذي، إسلامي. تقول المجلة: «إن المجتمع الدولي قلق إزاء المصير الذي ينتظر ذلك الميراث الأفغاني».
البعثة الفرنسية أنشأت موقعاً على مقربة من العاصمة كابول، للتنقيب عن الآثار التي تمتد إلى خمسة آلاف عام، منذ العصر البرونزي. يضيف المدير معلومة ملهمة: «كل علماء الآثار كانوا أفغانيين، وقد أعادتهم البعثة إلى فرنسا في يوليو».
 بداهة، لا يعلم إلا خبراء الآثار كم في خمسة آلاف موقع أثري من عشرات ألوف التحف التي تحتاج أثمانها إلى حواسيب. منها التماثيل، ومنها التحف الخشبية والمخطوطات. لكن البعثة لم تترك الأمور سبهللا، فالمدير يقول: «في ما يتعلق بالنهب، لدينا شبكة من المخبرين المحليين، وستكون لنا عيون على الميراث. هم يعلموننا بكل جديد يُعثر عليه ويمدّوننا بالصور. ونحن نراقب الإنترنت، ونعلم الأنتربول بلا تردد».
عندما يكون الموضوع في هذا المستوى من الأبعاد التاريخية، فلا يمكن أن تخلو الجولة من ثمرات الحكمة، ولآلئ الفكر. يقول فيليب ماركي: «مستقبل الآثار في أفغانستان سيكون ما نقرر فعله في شأنه». كلام كبير. يضيف: «ليس الميراث الأفغاني هو الموضوع، وإنما الميراث الإنساني». الأبلغ: «إن الإسكندر الكبير لم يذهب إلى هناك مصادفة. بعد ذلك في عهود متقدمة، احتضن البلد علماء مسلمين كباراً».
لزوم ما يلزم: النتيجة الموسيقية: القفلة المتجلية في حوار المدير: «في حمضنا النووي الثقافي توجد عناصر صغيرة جاءتنا من ذلك الميراث الأفغاني».

 [email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"