اختبارات “طالبان”

00:18 صباحا
قراءة دقيقتين

فيصل عابدون

تطرح التفجيرات الدموية والهجمات الصاروخية التي يتعرض لها مطار كابول تحدياً كبيراً واختبارات جديدة لمصداقية حركة طالبان في ما يتعلق بالتزامها بمكافحة الإرهاب وجماعاته وعدم تحويل أفغانستان إلى وكر ومنصة انطلاق لعصابات التطرف.

   واختبار المصداقية هذا لا يعني قيام الحركة العائدة للسلطة للمرة الثانية بشنّ الحرب على مجموعة «داعش- خراسان» المتطرفة والمسؤولة عن سفك الدماء في المطار. فالعلاقات بين الجماعتين تنافسية في الأساس والتناحر بينهما قديم. والمعروف أن« داعش- خراسان» ،هي أكثر راديكالية عن الجماعة الأم وتجند عناصرها من داخل صفوف حركة طالبان، وباتت تشكل خطراً كبيراً على وحدة طالبان وقوتها ونفوذها، وقد حاربتها طالبان منذ ظهورها بلا هوادة.

  إن العالم سوف يعتبر ملاحقة طالبان لجماعة «داعش» الأفغانية نوعاً من أنواع دفاع الحركة عن وجودها وحمايتها من المنافسة وليس إيفاءً بعهودها أمام العالم في ما يتعلق بالمشاركة في الحرب على الإرهاب. سوف يتعين على قادة الطالبان تقديم أدلة أكثر وضوحاً وأهمية على جديتهم في الحرب ضد الإرهاب. هناك خطوات محددة في هذا الخصوص يترقبها العالم من قادة الحركة الجدد، وفي مقدمة هذه الخطوات الانفتاح على التعاون الاستخباراتي ومشاركة المعلومات مع الدول والمنظمات العالمية ذات الصلة.

  فالاستخبارات هي رأس الرمح في أي حرب، وصندوق المعلومات الذي تملكه طالبان عن خصومها يكتسب أهمية بالغة ويمكن أن يكون مفيداً جداً في تنفيذ العمليات النوعية المعقدة التي تستخدم فيها تقنيات متطورة وتهدف لتحييد قيادات الميدان وواضعي الخطط الحربية وزعماء الدعاية، ما يؤدي في النهاية إلى تضييق الخناق على تحركات المجموعات المتطرفة وأنشطتها الإرهابية. كما أن معلومات التحالف المناهض للإرهاب والمنظمات الأمنية والسياسية الدولية يمكن أن توفر لطالبان ومقاتليها بيئة عمل أفضل لشنّ العمليات البرية ضد قواعد وتمركزات وأوكار عناصر التطرف وتصفيتها والقضاء عليها بشكل أسرع.

 والانفتاح على التعامل الاستخباراتي الدولي يعني بطبيعة الحال الموافقة على عمليات عسكرية مشتركة أو تقديم الدعم لعمليات يقوم بها الحليف. وهذا القبول بتقديم الدعم أو المشاركة المباشرة كان محل ممانعة ورفض طويل من قبل قادة حركة طالبان في السابق، لكنه في الظروف الجديدة سيعتبر برهاناً حاسماً على جدية الحركة وصدقية التزامها بالحرب على الإرهاب.

  الخطوات الأخرى التي يراقبها العالم تتعلق بموقف الحركة من تنظيم القاعدة وقادته ،وفي هذا الخصوص فإن الأفعال وليس الأقوال هي ما سيتم اعتماده في مقابل الاعتراف بسلطة طالبان الجديدة وإدماجها في منظومة المجتمع الدولي .

  قدمت طالبان بعيد دخولها إلى كابول التزامات لمشاركة السلطة واحترام الحقوق السياسية والإنسانية للمواطنين، وفي تقديرات المراقبين فإن مجرد قبول الحركة نظرياً بهذه المبادئ يؤكد حدوث تحولات عميقة في البنية الفكرية والأيديولوجية للحركة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"