المعوقات الاقتصادية لثورة المركبات الكهربائية

22:40 مساء
قراءة 3 دقائق

جون كيمب *

يتطلب الوصول إلى أهداف الانبعاثات الصفرية تبنٍّ واسع النطاق للمركبات الكهربائية من قبل سائقي السيارات الخاصة دون وجود حواجز اجتماعية واقتصادية كبيرة يصعب التغلب عليها سعياً لجعل ذلك الهدف حقيقة واقعة.

تنتشر بين سائقي السيارات الخاصة، ممن يتطلعون إلى اقتناء مركبات كهربائية، مخاوف مرتبطة بتوفر نقاط الشحن، ونفاد الطاقة في الرحلات الطويلة، وأوقات الانتظار الطويلة لشحن البطارية، وهي نقاط مهمة بالنسبة لهم. لكن المشكلة الأكبر هي التكلفة المالية المرتفعة لشراء السيارات الكهربائية نفسها مقارنة بالسيارات الهجينة، أو السيارات التقليدية التي تعمل بالبنزين والديزل، وهو ما يمثل عائقاً رئيسياً أمام العائلات ذوات الدخل المتوسط والمنخفض.

لقد أظهرت سبعون عاماً من البحث في نشر الابتكارات والتقنيات الجديدة أن المتبنين الأوائل يتمتعون عادةً بمزايا اجتماعية واقتصادية أكثر من غيرهم. ومن المحتمل أيضاً أن تكون الشركات، والمدارس، والمزارع الأكبر حجماً من أوائل المتبنين لهذه الابتكارات مقارنة بنظرائهم الأصغر لأن قدرتهم أكبر على تحمل المخاطر الناجمة عن الإخفاقات المحتملة للتكنولوجيا.

ومثل العديد من الابتكارات الأخرى، تتطلب السيارات الكهربائية نفقات رأسمالية كبيرة يقابلها توفير طويلة الأجل في تكاليف التشغيل. ومع ذلك، تبقى بعيدة عن متناول العديد من الفئات ذات الدخل المتوسط والمنخفض. وبعد أن زاد المصنّعون تركيزهم على توسيع نطاق القيادة من خلال تركيب بطاريات أكبر وأكثر تكلفة، ارتفعت التكاليف الرأسمالية أكثر، وشكلت حاجزاً إضافياً أمام الانتشار الأوسع.

في بريطانيا على سبيل المثال، لم تقل الفجوة السعرية كثيراً بين السيارة الكهربائية والتقليدية خلال العشر سنوات الماضية، وذلك وفقاً لتقرير صادر عن مكتب التدقيق الوطني.

فأسعار المركبات «عديمة الانبعاثات» في عام 2020 لا تزال أعلى بمقدار 13 ألف جنيه إسترليني (16700 دولار) في المتوسط، انخفاضاً من 16 ألف جنيه في عام 2011.

سيتطلب التبني الواسع للمركبات الكهربائية بالكامل سوق إمداد جيد للمركبات المستعملة لجعلها في متناول شريحة واسعة من السكان. فبالرغم من استحواذ السيارات الكهربائية على 7% من السيارات الجديدة المبيعة في بريطانيا العام الماضي، إلا أن أكثر من 97% منها كانت لرجال الأعمال أو الشركات التي تُسيّر الأساطيل، أما سائقو السيارات الخاصة فمن المرجح أن يتجه معظمهم نحو خيار السيارات الكهربائية المستعملة.

تبقى المخاوف موجودة من انهيار قيمة هذه المركبات في المستقبل عندما يدخل طوفان من السيارات الكهربائية المستعملة السوق في منتصف العقد الجاري. وخلصت لجنة النقل الوطني في بريطانيا إلى أن سوق السيارات الكهربائية المستعملة «الصحي» أمر بالغ الأهمية لضمان أن السيارات الكهربائية ليست حكراً على الأشخاص القادرين على شراء موديلات جديدة فقط.

ومن المرجح كذلك أن تواجه الأسر ذات الدخل المنخفض تكاليف طاقة كهربائية أعلى بكثير لشحن سياراتهم، وهم في الغالب سيعتمدون بشكل أكبر على نقاط الشحن العامة بدلاً من الشحن في المنزل. لكن بالمقابل لا يملك نحو 30% من الأسر البريطانية مواقف خاصة بهم، مما يعني أنهم سيضطرون إلى الاعتماد على نقاط الشحن العامة، والتي تبقى أكثر تكلفة ولا تدخل في ميزانية الشبكة الكهربائية.

وتعد نقاط الشحن العامة حالياً أغلى بضعفين إلى أربعة أضعاف من تكاليف الشحن في المنزل، ومن المرجح أن تظل كذلك نظراً لوجود جانب استثماري مهم لمقدمي الخدمة، وبالتالي هناك تأثير غير متناسب على ذوي الدخل المنخفض والأسر الأخرى في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية داخل المدن، حيث لا يملك العديد منهم مواقف سيارات داخلية لبناء نقاط شحن خاصة بهم.

تزداد الحاجة أكثر إلى وجود أعداد ضخمة من نقاط الشحن العامة الإضافية خلال العقد المقبل، وسيتعين على صانعي السياسات حل مشكلة التغطية المحلية غير المتكافئة، وتوفير نقاط الشحن في كل المناطق الحضرية المكتظة بالسكان، بالإضافة إلى المناطق الريفية ذات الكثافة السكانية المنخفضة.

دائماً ما تخلق الابتكارات التكنولوجية رابحين وخاسرين، وغالباً ما يكون «المتبنّون الأخيرون» من بين أفقر الفئات في المجتمع، مع موارد مالية محدودة للغاية ومستويات عالية من تجنب المخاطرة. وقد يؤدي طرح السيارات الكهربائية إلى ترسيخ هذه العيوب بالنسبة للفئات المحرومة بالفعل والتي لا تستطيع تحمل تكاليف الترقية، وتبقى عالقة مع مركباتها من الجيل الكربوني القديم لفترة طويلة.

قبل أن يدعم السياسيون التوجه نحو السيارات الكهربائية وحلول معالجة المناخ، عليهم أن يوفروا الحماية لأولئك الذين لا يستطيعون تبنّي التكنولوجيا الجديدة بسرعة لأسباب مالية أو عملية، وإلا سيكونون شركاء في تعزيز شرخ المساواة الحاصل.

* محلل اقتصادي في رويترز

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

محلل الأسواق في «رويترز»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"