عادي
الخليج تحاور فريق المشروع وترصد تصميمه وتصنيعه

«راشد» يستكشف القمر عبر«بحيرة الأحلام»

00:35 صباحا
قراءة 7 دقائق
Video Url
احمد شرف يقدم شرحاً حول دوره في المشروع
العنصر النسائي في المشروع
محمد سعيد خوري
موقع الهبوط الأساسية للمستكشف «راشد»

دبي: يمامة بدوان

«بحيرة الأحلام» هو الموقع الأساسي الذي اختاره فريق مشروع الإمارات لاستكشاف القمر لهبوط المستكشف «راشد» على سطح القمر، والذي سيتم إطلاقه بين أغسطس ونوفمبر 2022، قاطعاً مسافة 385 ألف كيلومتر، في مهمة تعد الإمارات فيها الأولى عربياً والرابعة عالمياً في استكشاف القمر.

«الخليج» وعلى مدى 3 ساعات، رصدت عمليات علمية ومتطورة في تصميم وتصنيع المستكشف «راشد»، وحاورت فريق المشروع، الذي أكد أن العمل يسير على قدم وساق التزاماً بالجدول الزمني المحدد مسبقاً في تصميم وتطوير النموذجين الأولي والهندسي، والذي بدأ في مراحل الاختبارات في الدولة وبلدان أخرى.

وكشف الفريق عن أن المستكشف، الذي سيجوب أرجاء سطح القمر كافة، متنقلاً بين مواقع جديدة لم تُدرس من قبل، على مدى 14 يوماً أرضياً قابلة للتمديد، سيلتقط الآلاف من الصور والبيانات بواسطة أجهزة وتقنيات تستخدم للمرة الأولى، ومن ثم يرسلها إلى المحطة الأرضية في مركز محمد بن راشد للفضاء.

يعد المشروع استكمالاً لاستراتيجية الدولة في استكشاف الفضاء الخارجي؛ حيث أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في التاسع والعشرين من سبتمبر 2020 مشروع الإمارات لاستكشاف القمر، في سابقة تدعم جهود الدولة في الارتقاء بقطاع الصناعات الفضائية وتمكينه للمساهمة في صناعة المستقبل بعقول وسواعد إماراتية 100%.

وأكد الدكتور حمد المرزوقي، مدير المشروع، أنه تم الانتهاء من تركيب النموذج الأولي، وإجراء الاختبارات البيئية والعلمية، ثم تم وضعه في غرفة تحاكي بيئة الفضاء خلال رحلته من الأرض إلى القمر، كما تم اختبار تركيب وضع النموذج الأولي بالمركبة الفضائية التابعة لآي سبيس اليابانية، للتأكد من ملائمة المستكشف للمركبة، وتم اختبار إخراج وإنزال النموذج الأولي من المركبة إلى القمر.

موقع الهبوط

وأوضح أن الجدول الزمني لإطلاق المستكشف متقدم عامين عند الإعلان عن المشروع، والذي كان مقرراً له في 2024؛ حيث إن العمل جار على قدم وساق للالتزام بالجدول، خاصة أن نافذة الإطلاق ستكون لمدة 3 أشهر، تبدأ من أغسطس وحتى نوفمبر 2022.

وقال: «بعد دراسة مطولة بين فريق المشروع وشركة «آي سبيس» وبالتعاون مع الفريق العلمي للمشروع، تم اختيار منطقة هبوط أساسية وآمنة وذات أهمية علمية، كما تم اختيار 3 مواقع بديلة في حالة حدوث أي خلل خلال عملية الهبوط على سطح القمر».

وحول التنسيق في العمل بين مشروع المستكشف القمري وباقي المشاريع الفضائية، أضاف أن مركز محمد بن راشد للفضاء لديه فرق عديدة يتداخل عملها مع بعض المشاريع، لكن لديها ما يؤهلها من خبرات يتم مشاركتها وتناقلها بين الفرق؛ حيث إن الفريق يتكون من مهندسين مسؤولين عن المشروع، وآخرين يشاركون بمشاريع فضائية أخرى، إلا أن المهم لدى المركز الوصول بكل المشاريع لبر الأمان.

دراسة البيانات

وأشار إلى أن هناك «قواعد بيانات» بالمركز، سيتم توفير الصور والبيانات التي يرسلها المستكشف مجاناً لكل المشاركين في الفريق العلمي في المركز والمجتمع العلمي بشكل عام حول العالم، خاصة أن المشروع سيشكل إضافة علمية للتطور العلمي للبشرية في هذا المجال، ولمساعدة مهمات مستقبلية في استكشاف القمر وأجرام سماوية أخرى. وأوضح أنه لم يتم تحديد عدد الصور وحجم البيانات المتوقع الحصول عليها من المستكشف «راشد»، إلا أنه من المرجح الحصول على الآلاف منها، خاصة أنها ستتوفر بناء على عمليات التحليل.

العنصر النسائي

وقال: «إن مشاركة المهندسات الإماراتيات بالمشروع تتراوح بين 35-40%، وهي نسبة قابلة للزيادة بالمستقبل؛ حيث يشكلن إضافة كبيرة لمشروع استكشاف القمر، ولهن دوراً كبيراً في المشروع، سواء في تطوير تقنيات الاتصال أو النظام الحراري للمستكشف، أو نظام الحركة له».

وأضاف: «الفريق العلمي للمشروع في ازدياد، في ظل التعاون مع عدة جامعات ومعاهد عالمية، ولدينا قابلية لزيادة عدد المشاركين الجدد، إلى الفريق الذي يشمل خبراء وباحثين من فرنسا، ألمانيا، النرويج، بريطانيا، اليابان، كندا والولايات المتحدة الأمريكية، إلى جانب خبراء وباحثين من جامعات الدولة».

الفشل والنجاح

وحول نسبة النجاح بالهبوط على سطح القمر، قال إنها تصل إلى 45%؛ حيث إن الهبوط هو أخطر مراحل المهمة، كما يعمل الفريق بشكل مباشر مع «آي سبيس» ويجري جميع الاختبارات اللازمة لضمان وزيادة نسبة نجاح المهمة، خاصة أن مشاريع الفضاء تكتنفها العديد من الخطورة والفشل. وأضاف أن تقبل الخطورة والعمل على تقليلها، وإجراء تجارب بشكل مستمر وموسع، سيعمل على تقليل خطورة الهبوط وبالتالي نجاح المهمة، كما أن زيادة الثقة بالتصاميم والمركبة على حد سواء، يسهم في زيادة ثقتنا بنجاح المهمة.

سيناريو الهبوط

وأكد أن عملية الهبوط على سطح القمر تعد معقدة وفيها الكثير من الخطورة؛ حيث إن السيناريو الوحيد الموجود لدينا يتمثل في الهبوط بالموقع المحدد بسلام، أو تغيير نقطة الهبوط إلى إحدى المناطق البديلة، وهو ما يجعلنا أمام خيار واحد، وهو هبوط المركبة وإنزال المستكشف على سطح القمر بنجاح، أو فشل المهمة.

النموذج الهندسي

وتابع: «حالياً نعمل على إنجاز التصاميم النهائية للنموذج الهندسي للمستكشف، وتصنيع أجزاء كثيرة منه، كما العديد من القطع والأجهزة التي سيتم تركيبها في المستكشف النهائي بدأت بالوصول إلى المركز، ليكون جاهزاً للاختبارات النهائية بالربع الأول من العام المقبل 2022».

تحديات كورونا

وحول التحديات التي فرضها فيروس كورونا على المشروع، أكد أنه خلال الفترة السابقة كان للفيروس تأثير كبير عليه، لأننا في النهاية لدينا شركاء نعمل معهم، وموردي أجهزة في المستكشف؛ حيث واجهنا بعض الإشكاليات بالالتزام في الجدول الزمني للمشروع، لكن الفريق كان دائماً مستعد لكل السيناريوهات المتوقعة فيما يتعلق بالجدول الزمني، وكانت لدينا خطط بديلة للمضي قدماً بالمشروع، والتأكد من عدم تأثيرها على خطوات تطوير واختبارات المستكشف.

أجهزة علمية

وقال إن الكاميرات في المستكشف هي عبارة عن مشاركة من وكالة الفضاء الفرنسية، كما أن بعض الأجهزة العلمية مشاركة من جهات مختلفة، وبالتالي فإن تصميم المستكشف وتصنيعه والكثير من مراحل الاختبارات تجري في مركز محمد بن راشد للفضاء.

النموذج الأولي

ولفت إلى أن النموذج الأولي للمستكشف تجري عليه اختبارات حالياً في اليابان تستمر لأيام عدة، للتأكد من أنه مصمم كي يناسب المركبة الفضائية الناقلة له إلى سطح القمر، كما سبقها اختبارات في فرنسا استمرت لمدة أسبوعين طوال ال24 ساعة؛ حيث إن هذه الاختبارات سيتواصل تنفيذها على النموذجين الأولي والنهائي، في حين سيجري خلال الشهر الجاري أيضاً، اختبارات لتقييم قدرة هيكل المستكشف على النجاة في بيئة الإطلاق، لوجود اهتزازات كثيرة قد تكون لها خطورة على هيكله.

مدة الوصول

وأوضح أن المستكشف سيستغرق في الوصول إلى سطح القمر 3 أشهر؛ حيث إن رحلات الوصول إلى القمر تعتمد على حجم المركبة وكمية الوقود المتوفرة، ووفي حالة كان الهدف من المهمة تقليل التكلفة، فإن التوجه يكون لاستخدام مدارات قليلة التكلفة، والتي يستغرق الوصول للقمر حوالي 3 أشهر، لكن هناك مدارات لها قدرة على وصول المركبات الفضائية خلال 6 أيام فقط، كما هو الحال في مشاريع أبولو التابعة لوكالة «ناسا» وإرسال رواد فضاء إلى القمر، التي كان هدفها الأساسي تقليل مخاطر الرحلة على الرواد وبالتالي تقليل مدتها.

بحيرة الأحلام

في حين، أشارت الدكتورة سارة أحمد المعيني، مهندسة نظم اتصالات، وعضو بالفريق العلمي للمشروع، إلى أن المستكشف سيقطع مسافة 385 ألف كيلومتر وصولاً للقمر، وسيهبط في منطقة أساسية تم إطلاق اسم «بحيرة الأحلام» عليها، كذلك هناك مناطق احتياطية قريبة من مهمات الهبوط الروسية والصينية.

وذكرت أن أجهزة الاتصال في المستكشف، عبارة عن جهاز رئيسي، وهو في اتصال غير مباشر مع المحطة الأرضية، استخدامه للطاقة سيكون بكمية قليلة، بسبب قُرب المستكشف من مركبة الهبوط مسافة بضعة أمتار، أما الجهاز الآخر فهو ثانوي، وهو جهاز احتياطي في حالة انقطاع الاتصال بالرئيسي، ومن ميزاته اتصاله المباشر مع المحطة الأرضية في الخوانيج بدبي، وهو جهاز تجريبي يستخدم لأول مرة في مهمات الفضاء البعيدة، لصغر قُطر الهوائي البالغ أقل من 10 سنتيمتر.

وتابعت: «إن المستكشف سيكون على متنه 3 أجهزة علمية، هي جهاز التصوير الحراري، وجهاز التصوير المجهري، وجهاز الشحنات الكهربائية، ومن التجارب التي سنقوم بإجرائها تجربة كفاءة بعض المواد مع تربة سطح القمر، التي فيها شحنات كهربائية عالية، ما يؤدي إلى التصاقها بأي شي، وهو ما يساعدنا على معرفة المواد التي يجب استخدامها بالمهمات المستقبلية؛ حيث سيتم توزيع أكثر من 3 مواد على إطارات المستكشف، لقياس مدى التصاقها بتربة سطح القمر».

ولفتت إلى أن مهمة الكاميرا المجهرية، ستكون في التقاط صورة أقرب للتربة بجودة عالية، يمكن من خلالها معرفة مكونات سطح القمر؛ حيث إن كل الصور الحرارية التي جرى التقاطها في مهمات سابقة كانت عن بُعد عشرات الأمتار، أما مهمة «راشد» ستكون أول مرة توفر صور حرارية على بُعد بضع سنتيمترات.

وقالت إنه من خلال جهاز استشعار الشحنات الكهربائية سيتم وضع خريطة للتوزيع العمودي للإلكترونيات على سطح القمر، كون التربة فيه تطفو على ارتفاع عدة أمتار وليس على السطح تماماً.

نظام التحكم

بينما أوضح محمد سعيد خوري، مهندس برمجيات، أنه يوجد في المستكشف أكثر من حاسوب ونظام؛ حيث يمكن التحكم فيها من على الأرض، من خلال إعطائه سلسلة أوامر، وهو دفعه لتصميم نظام للتحكم برحلة المستكشف من لحظة الهبوط على سطح القمر، في حالة انقطاع الاتصال بينه وبين الأرض.

وأضاف ان مهمة المستكشف تمتد 14 يوماً أرضياً وهي تعادل نهاراً قمرياً واحداً؛ حيث سنكون في اتصال معه على مدى ال24 ساعة، إلا أن هناك تجربة إذا كان يحتمل ليلة قمرية، والتي تعني انخفاض درجة الحرارة إلى سالب 200، وتتمثل تلك التجربة في محاولة التواصل مع المستكشف في اليوم التالي من انتهاء مهمته الأساسية، وفي حالة استقبال إشارة منه، هناك احتمال تمديد المهمة.

تجميع الطاقة

بدوره، قال المهندس أحمد شرف، مسؤول أنظمة الطاقة: «إن عمله يتمثل في تجميع الطاقة في البطارية عن طريق الألواح الشمسية المثبتة على جانبيه، إضافة إلى نظام توزيع الطاقة على الإلكترونيات في المستكشف، واستخدامها في تحريك أجزائه».

تفاوت الحرارة

قالت المهندسة ريم المحيسني، مسؤولة نظام تحكم الحرارة: «إن دورها في المشروع يتمثل في تصميم نظام يقوم بعزل المستكشف بنسبة مناسبة عن تغير حرارة سطح القمر، وإجراء الاختبارات على النموذج الأولي والنهائي، كذلك تركيب النظام في المستكشف؛ حيث هناك تأثير الحرارة لسطح القمر على المستكشف، في ظل وصول درجة حرارة الفضاء الخارجي إلى سالب 200 درجة مئوية، وتتراوح حرارة القمر بين سالب 40 إلى أكثر من 80 درجة مئوية، وهو ما يجعلنا نعمل للتأكد من أداء أجهزة المستكشف في نطاق هذه الحرارة، وإلا فإننا قد نفقد الأنظمة فيه إن قلت أو زادت درجة الحرارة».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"