مناعة الرياضيات والفيزياء

00:15 صباحا
قراءة دقيقتين

ما الذي سيعنيه عدم امتلاك مقاليد العلوم والتقانة في العقود المقبلة؟ مثل «فلاش باك» السينما، يجب البدء بالخاتمة: الاكتشافات والاختراعات، التي تغيّر مجرى التاريخ، تستخدم في البداية كأسلحة للهيمنة، ثم يأتي انتشارها في ميادين الحياة العامة. هكذا كان الأمر من الحديد إلى الطاقة النووية، إلى آلة تورينج، الحاسبة، في الحرب العالمية الثانية، إلى الإنثرانت التي صارت الإنترنت، والبقية تأتي. قبل أن تفقس بيضة الحاسوب الكمومي، سرى الخبر كالنار في الهشيم: من لم يمتلك هذه التكنولوجيا، فإن شيفرة أسراره ستخترق في جزء مليوني من الثانية.
معنى ذلك أن الرياضيات والفيزياء، وتطبيقاتهما في التقانة، ستكون الأسلحة وساحات الصراع في آن. نموذج المكتبات الورقية العملاقة، التي تزن مئات ألوف الأطنان، قياساً على الأقراص الصلبة ذات السعة الكبيرة، يمكن أن تقارن بالأساطيل البحرية التي تبلغ تكلفتها مليارات عدة، قياساً على تكلفة هجوم سيبراني كبير، قد تكون خسائره تعادل أو تتجاوز تكلفة الأساطيل. هذا المجال سيسفر عن أشكال لم يسبق لها نظير، من السباق التكنولوجي، الذي سيؤدي بدوره إلى ألوان من تطوير جميع جوانب الحياة العامة، وصور المدنية على كوكبنا، وخارجه بلا ريب. مصطلح «حرب النجوم» بات كلاسيكياً.
قضايا الخصوصية الفردية، ودعها الناس منذ عقدين، وفي كل عام يضاعفون غسل الأيدي من استعادتها. لكن ذلك هيّن مقارنة بانتهاك خصوصية أسرار الدول. أي أن الذئاب السيبرانية تعدو على من لا كلاب تقانية له.. وتتقي صولة المستأسد الضاري تكنولوجياً. المغزى هو أن أمن الأوطان ستتألق فيه بطولات كانت في الظل على مر التاريخ حتى عقود قليلة: جيوش الرياضيات والفيزياء، المدججة بأسلحة الرقمي والخوارزميات والخلايا العصبية الاصطناعية، واستعمالاتها «الظريفة» في«الميكرو درون»، الطائرات المسيّرة الدقيقة في حجم الحشرات. 
ما تفرضه الاستراتيجية الحكيمة حالياً، هو عين زرقاء اليمامة في قراءة المستقبل. إذا كان عام2021 صعب الاستشراف سنة 1990، فأعسر ألف مرة أن تعرف ما الذي يخبئه عام 2050. الحل هو إعداد ترسانة أدمغة في الرياضيات والفيزياء، تؤهل علمياً وتقانياً منذ الحضانة. سيمر قطار العلوم والتقانة قائلاً للجالسين على الرصيف: سلام عليكم لا نبتغي غير العالِمين.
لزوم ما يلزم: النتيجة البنيوية: إذا لم يتطوّر نظام التربية والتعليم باستجابة تلقائية سريعة، فإن على التنمية الشاملة أن تجعل تطويره أولوية الأولويات. تلك مناعة الشعوب.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"