الانسدادات المروريّة اللغويّة

00:13 صباحا
قراءة دقيقتين

ما هو الهدف من الضجة التي ظلت الأقلام تطلقها من قبل ابن رشد وابن مضاء؟ ببساطة: مساعدة اللغة العربية على اكتساب الحيوية والنشاط والرشاقة. عيب أن يتطاول عليها المغرضون، بأن الغاية هي علاج القواعد من الكساح المزمن، وتصلب الشرايين. بهدوء العقلاء: هل في العالم العربي من يجرؤ على المزايدة على عرب الجاهلية؟ أولئك لم يكن لديهم نحو ولا صرف.
 المؤلفات التي يتجاوز وزنها الأطنان، نصفها، وربما ثلثاها، من مخترعات النحاة وافتراءات الرواة، وهي اجتهادات مختلف فيها وعليها، إلى حد أن الخلافات ذاتها صارت مادة غزيرة لمؤلفات. شجارات الكوفيين والبصريين، والحجازيين والتميميين، إلى اليوم لم تر القول الفصل الذي يضع نهاية للبسوس النحوية. هل طلب عرب ما قبل الإسلام من نحاة الكوفة والبصرة، أن يفتحوا حلبات صراع باسم العرب الأوائل؟
 ما يجب أن يفهمه الناس اليوم، الأدباء والكتاب والإعلاميون بالذات، هو أن ينشأ وعي عام يدعو إلى حلحلة الانسداد المروري في الدورة الدموية اللغوية، فتتحرك المجامع اللغوية وتجد مناهج العربية نماذج عملية قابلة للتنفيذ. يقيناً، نتفهم مشكلة واضعي مقرر النحو، فهؤلاء لا يحق لهم أصلاً أن يتصرفوا في تبسيط القواعد. الأمر أمانة المجامع أمام كل الشعوب الناطقة بالعربية، وكل من يستخدم العربية، التي هي لغة دين 1.5 مليار مسلم.
علماء اللغة الأفاضل في المجامع اللغوية هم القادرون على اتخاذ القرارات التاريخية الجريئة. المنطلق واضح وهو السؤال: هل يمثل النحو العربي اللغة العربية؟ بلا مزاح: هل الجاهليون هم الذين تآمروا على النحاة فأوقعوهم في فتن المدارس النحوية؟
 لغويو المجامع سلطة تشريعية لغوية قادرة على إجراء التعديلات اللازمة. مثال على المفارقات: أكل خالد التفاحَ، أُكل التفاحُ، أُكل كلّ التفاحِ. في الحالات الثلاث وقع الفعل على التفاح، فهو مفعول! لا حاجة إلى ذكر النصب والرفع والجر. كيف يرى الطالب لغته إذا قيل له إن التفاح مرفوع في «أكل التفاح» لأنه نائب الفاعل؟ هذا لا يعني أن ما يذهب إليه القلم رأي صائب قاطع، وإنما هو وصف حال تحتاج إلى علاج بمنهاج كالسراج الوهّاج.
لزوم ما يلزم: النتيجة التحذيرية: في بضع سنوات ستتغير أمور كثيرة، ولن يكون الطلاب مستعدين للتسمر في الانسدادات المرورية اللغوية. العربية ستكون الخاسرة قطعاً. الكلمة للغويين.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"