عادي
«الهجين» و«الافتراضي» ينعشان ميزانيات المدارس

3 أنماط من التعليم..والرسوم واحدة

00:43 صباحا
قراءة 6 دقائق
  • خبراء: ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالخدمات المقدمة
  • إدارات: تثبيتها ضرورة لتغطية نفقات الميزانيات
  • مديرو مدارس: لا يجوز التقييم في الوقت الراهن

تحقيق: محمد إبراهيم

التعليم رسالة تنير العقول، وتبني الأجيال في الأوطان، ومن الصعب أن نحدد لها ثمناً أو سعراً، ولكن إذا تعاملنا معه على اعتبار أنه سلعة لها كلفتها، وينبغي أن يكون لها أرباحها، يجب أن يكون احتساب الكلفة عادلاً، والربح منصفاً للبائع والمستهلك، هكذا تقول لغة التجارة.

يحتضن العام الدراسي الجاري 2021-2022، ثلاثة أنماط من التعليم «حضوري، وهجين«بالتناوب» وافتراضي»، وكل نمط له كلفته وخدماته التي يقدمها، وهذا ما آثار تحفظات الميدان التربوي في الأسبوع الأول من الدراسة، فالخدمات المقدمة في «الافتراضي والهجين» تتساوى مع «الحضوري» في المواد والمناهج وشرحها سواء مباشراً أو عن بعد، وتختلف في العديد من الخدمات المقدمة للمتعلمين مثل «الحافلات واستخدام المرافق التعليمية وغيرها».

المساواة في رسوم الخدمات في أنماط التعليم الثلاثة، أثار الجدل بين فئات المجتمع المدرسي، إذ أكد عدد من أولياء الأمور ضرورة إعادة هيكلة رسوم الخدمات التعليمية في ظل الأنماط التعليمية المتاحة، لاسيما أنها تختلف من نمط لآخر، ولا يجوز المساواة بين طالب يدرس «حضورياً» وآخر يتلقى تعليمه عن بعد.

إدارات المدارس تباينت آراؤها حول إعادة هيكلة الرسوم، وفق الخدمات المقدمة، إذ رفض فريق الفكرة تماماً، معتبراً أن التعليم مجموعة خدمية متكاملة لا يجوز تجزئتها، فيما بادر فريق آخر إلى تخفيض الرسوم واحتساب المستحق فقط على الطلبة، والفريق الثالث قدم التعليم بخدماته بالمجان.

المعلمون أكدوا أن أي تعديل أو مواءمة في الرسوم بين خدمات الأنماط التعليمية الثلاثة، سينعكس سلباً عليهم، إذ إنهم يتصدون قائمة الالتزامات والميزانية التشغيلية في كل مدرسة.

خبراء أكدوا أن قيمة الرسوم الدراسية، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالخدمات، التي تقدمها المدارس الخاصة، سواء كانت تعليمية أو خدمية أو متعلق بالرعاية والمتابعة، ونوعية التعليم وجودة المخرجات، فضلاً عن قيمة الاستهلاك الخدمي في كل مدرسة، موضحين أنه آن الأوان لتدخل الجهات المعنية لإعادة هيكلة الرسوم وفق المقدم من خدمات.

«الخليج» تناقش مع الخبراء والميدان التربوي بمختلف فئاته، إشكالية رسوم المدارس الخاصة، في ظل المتغيرات التي تشهدها منظومة العلم في الدولة، وكيفية التعامل معها بشكل يحقق العدالة بين جميع الأطراف، ضماناً لاستقرار العملية التعليمية.

مغالاة غير مبررة

البداية كانت مع عدد من أولياء الأمور الذين اعتبروا أن رسوم مدارس أبنائهم في ظل الأنماط التعليمية «الحضوري والهجين والافتراضي»، فيها «مغالاة» ولا تساوي قيمة وحجم الخدمات المقدمة، لاسيما أن هناك خدمات لم تعد موجودة في ظل التعليم الجديد «الهجين أو الافتراضي»، على عكس التعليم الحضوري الذي يتمتع فيه أصحابه بجميع الخدمات بلا استثناء، مطالبين بإعادة النظر في رسوم المدارس الخاصة، بحيث تتساوى مع الخدمات.

وأكد كل من علياء محمدي وإيهاب زيادة، ومحمد طه، وسومية حسين، ومهرة حمدان، أن رسوم أبنائهم تتراوح بين 15-45 ألف درهم لكل طالب، ولا يحق للمدارس تحصيل رسوم خدمات، لم ينتفع بها الأبناء، لاسيما أن التعليم الهجين أو الافتراضي يشهدا تقليصاً في العديد من الخدمات، ولا يجوز مساواة رسوم الطلبة في البيت مع الدارسين في المدرسة، متسائلين ما المشكلة في سداد قيمة ما يحصل عليه الأبناء من خدمات فعلية؟

رسوم وخدمات

وأكدوا أن الرسوم الحالية التي تلزمهم المدارس بسدادها تشمل خدمات لا ينتفع بها أبناؤهم أبرزها الرعاية التعليمية والصحية، أو الانتفاع بمرافق المدرسة لاسيما للطلبة الذين يتلقون تعليمهم عن بعد في البيوت، فلماذا ألزام أولياء الأمور سداد كامل الرسوم وما تشمله من خدمات لا يتم الاستفادة منها. ويروا أن المسؤولية الآن تقع على عاتق الجهات القائمة على شأن التعليم الخاص في الدولة، مطالبين بالتدخل السريع، لإعادة احتساب الرسوم وفق الخدمات والمعطيات الراهنة، بحيادية تحقق العدالة بين جميع الأطراف، تخفيفاً من الضغوط التي تقع على الوالدين في ظل الظروف الراهنة.

إعادة النظر

وفي وقفة معهم، يرى المعلمون «ميساء عبد الله، وعاطف حسن، وحنان شرف، وريهام فاروق»، أن أي تعديل سيتم على الرسوم، سينعكس سلباً على المعلمين ورواتبهم، وسيكونون المتضرر الأول، على الرغم أن مهامهم الأهم والأبرز في العملية التعليمية، مؤكدين أهمية تجاوز تلك المرحلة بتكاتف الجهود من أجل مصلحة الجميع، وفي حال استقرار الأوضاع، على أولياء الأمور المطالبة بالتعديل أو إعادة النظر وفق نوعية التعليم وحجم الخدمات التعليمية المقدمة.

تباين واضح

وفي رصد آراء إدارات المدارس، وجدنا تبايناً واضحاً في وجهات نظرهم حول الرسوم وإعادة هيكلتها، ولكن أجمعت آراؤهم على أنه لا يجوز تقييم الخدمات التعليمية في الوقت الراهن، إذ إن الحلول المقدمة تركز فقط على استمرارية التعليم والعودة الآمنة للمدارس.

«خلود فهمي، ووليد فؤاد لافي، ومحمدي.ع، وعزمي.خ»، أكدوا أن خدمات المدارس بمختلف أنواعها مستمرة ولا يوجد أي توقف، وما يحدث من إجراءات مجرد وسائل لإعادة الحياة للمدارس، بما يضمن آمن وسلامة الجميع في ظل استمرار جائحة كورونا.

لا يجوز

وحول ضرورة إعادة صياغة الرسوم، أفادوا بأنه لا يجوز اتخاذ تلك الخطوة حالياً، فالجميع يركز على تقديم المعارف والعلوم للطلبة في ظل هذه الظروف، وعدم فاعلية بعض الخدمات لا يعني بالضرورة اختفاءها، ولكن تداعيات «كورونا» أفرزت آثاراً سلبية على جميع القطاعات.

وأكدوا عدم أحقية ولي الأمر في المطالبة بتعديل رسوم التعليم أو تقليصها، بسبب غياب بعض الخدمات، إذ إن الأمر خارج عن إرادة المدارس، فضلاً عن أنه لا مساس بمستحقات المعلمين في مدارسهم، بل بالعكس يتم صرف حوافز لهم نظير جهودهم ومساهمتهم.

نسب متفاوته

في المقابل، أكد الدكتور فارس الجبور وسلمى عيد وسالم عبد الله، أن مدارسهم بادرت بتخفيض الرسوم بنسب متفاوته، لتخفيف الأعباء عن أولياء الأمور، موضحين أن نجاح أي مؤسسة مرهون بالعلاقة التكاملية بين إدارات المدارس وأولياء الأمور، فضلاً عن المسؤولية المجتمعية لهما خلال وقت الأزمات والطوارئ، مؤكدين أهمية التركيز على التعليم بمختلف أنماطه، لتحقيق مخرجات ذات جودة عالية، على أن تحافظ المدارس على نهج التدريس بطرائق متطورة، موضحين أن تلك المرحلة تحتاج إلى تكاتف مختلف فئات المجتمع بأفراده ومؤسساته، حفاظاً على منابر العلم ومستقبل الأبناء.

في سياق متصل لم تستجب إدارات بعض المدارس، ورفضت المشاركة بالرأي، في إشكالية الرسوم والخدمات، واكتفوا بأن الظروف الراهنة تفرض على الجميع تقبل الوضع بما يحمله من أثار سلبية على الجميع.

بقاء الرسوم

وأشاروا إلى أهمية بقاء الرسوم الدراسية على وضعها الحالي، لتمكين المدارس من تغطية نفقات الميزانيات التشغيلية التي تسهم في استمرار العملية التعليمية، ورفضوا إفادتنا بالفوائد المادية التي تكتسبها المدارس الخاصة من نظام التعليم الجديد، الذي قلص الكثير من النفقات التشغيلية، بما في ذلك رواتب وبدلات ورسوم كانت تدفعها الإدارات خلال التعليم الاعتيادي، ولم يقدموا إفادة حول رسوم الحافلات التي يستخدمها الطلبة ثلاثة مرات أسبوعياً، ويدفع ولي الأمر رسومها كاملة.

في وقفة مع الخبيرة التربوية ومستشار تطوير المناهج إيمان غالب، أكدت أن التعليم الهجين أو الافتراضي، نموذجان أسهما بفاعلية في تقليص النفقات وانعشا الميزانيات التشغيلية في المدارس، معتبرة أن إعادة احتساب الرسوم وفق الخدمات المقدمة، يشكل ضرورة ملحة مع وجود أنماط تعليمية متعددة، كشفت فاعلية خدمات وعدم انتفاع الطلبة بأخرى، مؤكدة أن إعادة النظر في الرسوم مرهون بنوع التعليم وخدماته بعد الجائحة، وما تذهب إليه منظومة التعليم في المستقبل القريب، موضحة أنها معادلة صعبة، ويبقى الأمر برمته في أيد الجهات المعنية لتقييم الخدمات واحتساب قيمتها المادية المستحقة.

وقالت إن التعليم وما يتضمنه من مسارات وبروتوكولات، يركز على المواد الأساسية، التي تضم «العربية، والانجليزية، والرياضيات، والعلوم بأنواعها، والاجتماعيات، والإسلامية، والفيزياء والكيمياء والأحياء»، فضلاً عن عودة المواد المساندة والأنشطة مثل«التربية الرياضية والفنون والموسيقى والدراما» وغيره، وفق إجراءات تحدد أعداد الطلبة، ويرافقها تقليص في أعداد المعلمين والأنشطة واختصاصي المختبرات والخدمات المساندة، ومن المؤكد أن هذا بالنسبة للمدارس الخاصة توفير في النفقات وحجم الاستهلاك.

وأفادت بأن التعلم «عن بعد والذاتي»، نموذج للتعليم الافتراضي، الذي يلقي بمسؤولية إعداد البيئة التعليمية على عاتق الوالدين في البيت، فأصبح ولي الأمر المسؤول عن توفير أجهزة التعلم، والكهرباء والمياه والإنترنت، والمتابعة، والإشراف، والرعاية التعليمية والصحية، معتبره إياه قناة فاعلة للتوفير في الميزانيات التشغيلية والنفقات في المدارس الخاصة، وتقليص استهلاكها في الكهرباء والمياه، والصيانة، ورواتب وبدلات بعض الكوادر. وأكدت أنه في حال استمرار منظومة التعليم بالأنماط الثلاثة المعتمدة، ينبغي أن يعاد احتساب رسوم المدارس وفق الخدمات المتاحة للطلبة،بحسب كل نمط تعليمي، وهذا الأمر يقع على عاتق الجهات القائمة على شأن التعليم في الدولة، من أجل تحقيق العدالة والمساواة في عملية الاحتساب.

مدارس بلا رسوم

على الرغم من عدم العدالة في المساواة في رسوم الخدمات التعليمية وفق الأنماط المتاحة، إلا أن هناك إدارات مدرسية تقدم الخدمات بمختلف أنواعها مجاناً بلا رسوم، وبادرت أخرى بتخفيض الرسوم، أو تقديم خصومات تصل إلى 35% للطلبة في مختلف مراحل التعليم لظروف الوضع الراهن. فيما اعترض عدد من أولياء الأمور على تعديل رسوم الحافلات المدرسية التي تصل في بعض المدارس إلى 10000 درهم، إذ إن أبناءهم يستخدمون خدمات النقل المدرسي ثلاثة أيام أسبوعياً فقط، مطالبين بإعادة النظر في احتساب رسوم النقل، بحيث يتوافق مع الخدمات الفعلية المقدمة للطلبة.

 

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"